شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٣٩
فكنى ب (بئس الثرى) عن تنكر ذات بينهم، و ب ((تهدم الأطواد) عن خفة حلومهم وطيش عقولهم.
ومنها قول أبى الطيب:
وشر ما قنصته راحتي قنص * شهب البزاة سواء فيه والرخم (1) كنى بذلك عن سيف الدولة، وأنه يساوى بينه وبين غيره من أراذل الشعراء وخامليهم في الصلة والقرب.
وقال الأقيشر لرجل: ما أراد الشاعر بقوله (2):
ولقد غدوت بمشرف يافوخه * مثل الهراوة ماؤه يتفصد (3) أرن يسيل من المراح لعابه * ويكاد جلد إهابه يتقدد (4) قال: إنه يصف فرسا، فقال: حملك الله على مثله، وهذان البيتان من لطيف الكناية ورشيقها، وإنما عنى العضو.
وقريب من هذه الكناية قول سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، وهو غلام يختلف إلى عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدب ولد هشام بن عبد الملك، وقد جمشه عبد الصمد فأغضبه، فدخل إلى هشام، فقال له:
إنه والله لولا أنت لم * ينج منى سالما عبد الصمد

(1) ديوانه 3: 373 (2) الخبر والبيتان ومعهما ثالث في كنايات الجرجاني 20، وفيه: (وحكى ابن دريد قال: وقف أعرابي على أبى عبيدة فقال: ما يعنى الشاعر بقوله..... إلى آخر الخبر) وهما أيضا في شرح التبريزي على الحماسة 4: 356.
(3) رواية التبريزي: (عسر المكرة).
(4) أرن، أي نشيط، ورواية التبريزي: (مرح يمج)، وذكر بعده:
حتى علوت به مشق ثنية * طورا أغور به وطورا أنجد
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست