عليك أمر إلا عرفت ما فيه ما لم تر نواصي الخيل! قال: ما خبرك؟ فأعلمه، فقال: (قد بين الصبح لذي عينين)، هذا رجل قد أخذت عليه العهود ألا يكلمكم، ولا يرسل إليكم، وأنه قد جاء فأنذركم. أما الحنظلة، فإنه يخبركم أنه قد أتاكم بنو حنظلة وأما الصرة من التراب، فإنه يزعم أنهم عدد كثير، وأما الشوك فيخبركم أن لهم شوكة، وأما الوطب فإنه يدلكم على قرب القوم وبعدهم فذوقوه، فإن كان حلوا حليبا فالقوم قريب، وإن كان قارصا (1) فالقوم بعيد، وإن كان المسيخ (2) لا حلوا ولا حامضا، فالقوم لا قريب، ولا بعيد، فقاموا إلى الرطب فوجدوه حليبا، فبادروا الاستعداد، وغشيتهم الخيل فوجدتهم مستعدين (3).
ومن الكنايات، (4 بل الرموز الدقيقة 4)، ما حكى أن قتيبة بن مسلم دخل على الحجاج وبين يديه كتاب قد ورد إليه من عبد الملك، وهو يقرؤه، ولا يعلم معناه، وهو مفكر، فقال: ما الذي أحزن الأمير؟ قال: كتاب ورد من أمير المؤمنين، لا أعلم معناه؟ فقال:
إن رأى الأمير إعلامي به! فناوله إياه، وفيه: (أما بعد، فإنك سالم، والسلام).
فقال قتيبة: ما لي إن استخرجت لك ما أراد به؟ قال: ولاية خراسان، قال: إنه ما يسرك أيها الأمير، ويقر عينك، إنما أراد قول الشاعر:
يديرونني عن سالم وأديرهم وجلدة بين العين والأنف سالم (5) أي أنت عندي مثل سالم عند هذا الشاعر، فولاه خراسان (6).
حكى الجاحظ في كتاب،، البيان والتبيين،، قال: خطب الوليد بن عبد الملك فقال: