شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٥
وورد إلى البصرة (1) غلام من بنى فقعس، كان يجلس في المربد (2)، فينشد شعرا، ويجمع الناس إليه، فذكر ذلك للفرزدق، فقال: لأسوأنه، فجاء إليه، فسمع شيئا من شعره، فحسده عليه، فقال: ممن أنت قال: من بنى فقعس، قال: كيف تركت القنان (3)؟ فقال: مقابل لصاف (4)، فقال: يا غلام، هل أنجدت أمك؟ قال:
بل أنجد أبى.
قال أبو العباس المبرد: أراد الفرزدق قول الشاعر (5):
ضمن القنان لفقعس سوأتها * إن القنان لفقعس لمعمر (6) والقنان جبل في بلاد فقعس، يريد أن هذا الجبل يستر سوآتهم، وأراد الغلام قول أبى المهوش (7):
وإذا يسرك من تميم خلة * فلما يسوءك من تميم أكثر (8) أكلت أسيد والهجيم ودارم * أير الحمار وخصيتيه العنبر قد كنت أحسبهم أسود خفية * فإذا لصاف يبيض فيه الحمر ولصاف: جبل في بلاد بنى تميم، وأراد بقوله: (هل أنجدت أمك)، أي إن كانت

(١) الخبر في أمالي القالي ٢: ٢٣٦ وكنايات الجرجاني ٧٣ وخزانة الأدب ٣: ٨٥ واللآلي للبكري 859 مع اختلاف الرواية.
(2) المربد، يطلق على مواضع، والمراد هنا مربد البصرة، قال ياقوت: (من أشهر محالها، وكان يكون سوق الإبل فيه قديما، ثم صار محلة عظيمة، سكنها الناس، وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجلس الخطباء).
(3) في الأصل: (القيان) تصحيف، والقنان: موضع ذكره ياقوت، وقال: (هو جبل فيه ماء يدعى العسيلة، وهو لبني أسد، ولذلك قيل...)، وأورد البيت.
(4) رواية الخزانة: (تبيض فيه الحمر).
(5) هو نهشل بن حرى، يهجو بنى فقعس، كما ذكره ياقوت (لصاف).
(6) قال ياقوت: (معمر، أي ملجأ).
(7) من أبيات تسعة ذكرها صاحب الخزانة 3: 84 نقلا عن ضالة الأدب.
(8) في الجرجاني والبكري والخزانة: (خصلة).
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست