شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٧
وكانت فزارة تعير بإتيان الإبل، ولذلك قال الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة هذا، ويخاطب يزيد بن عبد الملك (1).
أمير المؤمنين وأنت بر * تقي لست بالجشع الحريص (2) أأطعمت العراق ورافديه * فزاريا أحذ يد القميص (3) تفنق بالعراق أبو المثنى * وعلم قومه أكل الخبيص (4) ولم يك قبلها راعى مخاض * لتأمنه على وركى قلوص (5) الرافدان: دجلة والفرات، وأحذ يد القميص، كناية عن السرقة والخيانة. وتفنق:
تنعم وسمن، وجارية فنق، أي سمينة.
والبيت الآخر كناية عن إتيان الإبل الذي كانوا يعيرون به (6).
وروى أبو عبيدة عن عبد الله بن عبد الأعلى قال: كنا نتغدى مع الأمير عمر بن هبيرة، فأحضر طباخه جام خبيص، فكرهه للبيت المذكور السابق، إلا أن جلده أدركه، فقال: ضعه يا غلام، قاتل الله الفرزدق، لقد جعلني أرى الخبيص فأستحي منه (7).
قال المبرد: وقد يسير البيت في واحد، ويرى أثره عليه أبدا، كقول أبى العتاهية

(1) ديوانه 487، الكامل 479 (طبع أوروبا)، الفضال 111، كنايات الجرجاني 74، الحيوان 5: 197، الشعراء لابن قتيبة 34 (2) الديوان والحيوان: (بالوالي الحريص).
(3) الاخذ: السريع اليد الخفيفها قال ابن قتيبة: (يريد أنه خفيف اليد بالخيانة، فاضطرته القافية لذكر القميص).
(4) في الحيوان: (تفتق)، من قولهم: تفتقت خواصر الغنم من البقل، إذا تسعت من كثرة الرعى.
والخبيص: ضرب من الحلوى المطبوخة.
(5) المخاض: الحوامل من النوق: والقلوص: الشابة من الإبل.
(6) كنايات الجرجاني 74 (7) كنايات الجرجاني 75.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست