سرا أو علانية؟ قال: اختر لنفسك، أيهما شئت، قال: لا بل علانية، قال: فانطق، قال: إني خرجت من أهلي مستبصرا في الحق الذي نحن عليه، لا أشك في ضلالة هؤلاء القوم، وأنهم على الباطل، فلم أزل على ذلك مستبصرا، حتى ليلتي هذه، فإني رأيت في منامي مناديا تقدم، فأذن وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونادى (1) بالصلاة، ونادى مناديهم مثل ذلك، ثم أقيمت الصلاة، فصلينا صلاة واحدة، وتلونا كتابا واحدا، ودعونا دعوة واحدة، فأدركني الشك في ليلتي هذه فبت بليلة لا يعلمها إلا الله تعالى، حتى أصبحت، فأتيت أمير المؤمنين، فذكرت ذلك له فقال: هل لقيت عمار بن ياسر! قلت: لا، قال: فالقه، فانظر ماذا يقول لك عمار، فاتبعه، فجئتك لذلك، فقال عمار: تعرف صاحب الراية السوداء المقابلة (2) لي! فإنها راية عمرو ابن العاص، قاتلتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وهذه الرابعة فما هي بخيرهن، ولا أبرهن، بل هي شرهن وأفجرهن. أشهدت بدرا وأحدا ويوم (3) حنين، أو شهدها أب لك فيخبرك عنها؟ قال: لا، قال: فإن مراكزنا اليوم على مراكز رايات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر، ويوم أحد ويوم حنين، وإن مراكز رايات هؤلاء على مراكز رايات المشركين من الأحزاب، فهل ترى هذا العسكر ومن فيه! والله لوددت أن جميع من فيه ممن أقبل مع معاوية يريد قتالنا، مفارقا للذي نحن عليه، كانوا خلقا واحدا، فقطعته وذبحته. والله لدماؤهم جميعا أحل من دم عصفور، أفترى دم عصفور حراما؟ قال: لا بل حلال، قال: فإنهم حلال كذلك، أتراني بينت لك؟ قال:
قد بينت لي، قال: فاختر أي ذلك أحببت.