فقتله، ثم نادى: من يبرز؟ فلم يبرز إليه أحد، فنادى: [يا معشر المسلمين] (١)، ﴿الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين﴾ (2). ويحك، يا معاوية!
هلم إلى فبارزني، ولا يقتلن الناس فيما بيننا! فقال عمرو بن العاص: اغتنمه منتهزا، قد قتل ثلاثة من (3) أبطال العرب وإني أطمع أن يظفرك الله به. فقال معاوية: والله لن تريد إلا أن أقتل فتصيب الخلافة بعدي، أذهب إليك عنى، فليس مثلي يخدع (4).
قال نصر: وحدثنا عمرو، قال: حدثنا خالد بن عبد الواحد الجريري (5)، قال:
حدثني من سمع عمرو بن العاص قبل الوقعة العظمى بصفين، وهو يحرض أهل الشام، وقد كان منحنيا على قوس، فقال:
الحمد لله العظيم في شأنه، القوى في سلطانه، العلى في مكانه، الواضح في برهانه، أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، في كل رزية (6) من بلاء، أو شدة أو رخاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، ثم إنا نحتسب عند الله رب العالمين ما أصبح في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من اشتعال نيرانها، واضطراب حبلها، ووقوع بأسها بينها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين! أو لا تعلمون أن صلاتنا وصلاتهم وصيامنا وصيامهم، وحجنا وحجهم، وقتلنا وقتلهم،