شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٥٢
إنكم لعلى حق، وإن القوم لعلى باطل، فلا يكونن أولى بالجد على باطلهم منكم في حقكم، وإنا لنعلم أن الله سيعذبهم بأيديكم أو بأيدي غيركم، اللهم أعنا، ولا تخذلنا، وانصرنا على عدونا، ولا تحل (1) عنا، وافتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين (2).
قال نصر: وحدثنا عمرو، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جندب، عن جندب بن عبد الله، قال: قام عمار يوم صفين، فقال: انهضوا (3) معي عباد الله، إلى قوم يزعمون أنهم يطلبون بدم ظالم، إنما قتله الصالحون المنكرون للعدوان، الآمرون بالاحسان، فقال هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم، ولو درس هذا الدين: لم قتلتموه؟
فقلنا: لاحداثه، فقالوا إنه لم يحدث شيئا. وذلك لأنه مكنهم من الدنيا، فهم يأكلونها ويرعونها، ولا يبالون لو انهدمت (4) الجبال، والله ما أظنهم يطلبون بدم (5)، ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحلوها (6)، واستمروها، وعلموا أن صاحب الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما يأكلون ويرعون منها.
إن القوم لم يكن لهم سابقة في الاسلام يستحقون بها الطاعة والولاية، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا: قتل إمامنا مظلوما، ليكونوا بذلك جبابرة وملوكا، تلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون، ولولاها ما بايعهم من الناس رجل (7)، اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت، وإن تجعل

(1) صفين، (ولا تخل عنا).
(2) صفين 359، 360 (3) صفين: (امضوا).
(4) صفين: (لو انهدت).
(5) صفين: (بدمه).
(6) صفين: (فاستحلوها).
(7) صفين: (رجلان).
(٢٥٢)
مفاتيح البحث: القتل (2)، الظلم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست