اليوم فستموت غدا، فانظر إذا أعطى الله العباد على نياتهم، ما نيتك!
وروى ابن ديزيل في كتاب صفين، عن صيف الضبي، قال: سمعت الصعب بن حكيم ابن شريك بن نملة المحاربي يروى عن أبيه عن جده شريك، قال: كان الناس من أهل العراق وأهل الشام يقتتلون أيام صفين، ويتزايلون فلا يستطيع الرجل أن يرجع إلى مكانه حتى يسفر الغبار عنه، فاقتتلوا يوما، وتزايلوا وأسفر الغبار، فإذا على تحت رايتنا - يعنى بنى محارب - فقال: هل من ماء؟ فأتيته، بإداوة فخنثتها له ليشرب، فقال: لا، إنا نهينا أن نشرب من أفواه الأسقية. ثم علق سيفه، وإنه لمخضب بالدم من ظبته إلى قائمه، فصببت له على يديه فغسلهما حتى أنقاهما، ثم شرب بيديه حتى إذا روى رفع رأسه، ثم قال: أين مضر؟ فقلت: أنت فيهم يا أمير المؤمنين، فقال: من أنتم بارك الله فيكم؟ فقلنا:
نحن بنو محارب، فعرف موقفه، ثم رجع إلى موضعه.
قلت: خنثت الإداوة إذا ثنيت فاها إلى خارج، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن اختناث الأسقية، لان رجلا اختنث سقاء، فشرب، فدخل إلى جوفه حية كانت في السقاء.
قال ابن ديزيل: وروى إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني عبد الملك بن قدامة ابن إبراهيم بن حاطب الجمحي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو ابن العاص، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم ومواثيقهم، وكانوا هكذا؟ فخالف بين أصابعه - فقلت: تأمرني بأمرك يا رسول الله، قال: تأخذ مما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وهوام أمرهم.
قال: فلما كان يوم صفين، قال له أبوه عمرو بن العاص: يا عبد الله، اخرج فقاتل، فقال: