شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٣٨
أرسل إلى الأشعث بن قيس رسولا، يسأله أن يسلم إليه جثة أبيه، فقال الأشعث: إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين في أمره، فاطلبه من سعيد بن قيس فهو في الميمنة، فذهب إلى معاوية فاستأذنه أن يدخل إلى عسكر علي عليه السلام، يطلب أباه بين القتلى، فقال له: إن عليا قد منع أن يدخل أحد منا إلى معسكره، يخاف أن يفسد عليه جنده، فخرج ابن ذي الكلاع، فأرسل إلى سعيد بن قيس الهمداني يستأذنه في ذلك فقال سعيد: إنا لا نمنعك من دخول العسكر، إن أمير المؤمنين لا يبالي من دخل منكم إلى معسكره، فادخل، فدخل من قبل الميمنة، فطاف فلم يجده، ثم أتى الميسرة فطاف فلم يجده، ثم وجده وقد ربطت رجله بطنب من أطناب بعض فساطيط العسكر، فجاء فوقف على باب الفسطاط، فقال: السلام عليكم يا أهل البيت، فقيل له: وعليك السلام، فقال:
أتأذنون لنا في طنب من أطناب فسطاطكم؟ ومعه عبد أسود لم يكن معه غيره. فقالوا: قد أذنا لكم، وقالوا له: معذرة إلى الله وإليكم، أما إنه لولا بغيه علينا (1) ما صنعنا به ما ترون، فنزل ابنه إليه، فوجده قد انتفخ - وكان من أعظم الناس خلقا - فلم يطق احتماله، فقال: هل من فتى معوان؟ فخرج إليه خندف البكري، فقال: تنحوا عنه، فقال ابنه: ومن الذي يحمله إذا تنحينا عنه؟ قال: يحمله قاتله. فاحتمله خندف حتى رمى به على ظهر بغل، ثم شده بالحبال، فانطلقا (2) به.
قال نصر: وقال معاوية لما قتل ذو الكلاع: لأنا أشد فرحا بقتل ذي الكلاع منى بفتح مصر لو فتحتها. قال: لان ذا الكلاع كان يحجر على معاوية في أشياء كان يأمر بها.
قال نصر: فلما قتل ذو الكلاع، اشتدت الحرب وشدت عك ولخم وجذام، والأشعريون من أهل الشام على مذحج من أهل العراق، جعلهم معاوية بإزائهم، ونادى منادى عك:

(1) ب: (على على).
(2) صفين: (فانطلقوا)
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175