قال نصر بن مزاحم: وحدثنا عمرو، قال: حدثني فضيل بن خديج، قال: خرج رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة، فخرج إليه عبد الرحمن بن محرز الكندي [ثم الطمحي] (1)، فتجاولا ساعة. ثم إن عبد الرحمن حمل على الشامي، فطعنه في نقرة (2) نحره فصرعه، ثم نزل إليه فسلبه درعه وسلاحه، فإذا هو عبد أسود، فقال: إنا لله! أخطرت نفسي بعبد أسود! قال: وخرج رجل من عك، فسأل البراز فخرج إليه قيس بن فهران (3) الكندي، فما ألبثه أن طعنه فقتله، وقال:
لقد علمت عك بصفين أننا * إذا ما تلاقى الخيل نطعنها شزرا ونحمل رايات القتال بحقها * فنوردها بيضا ونصدرها حمرا قال: وحمل عبد الله بن الطفيل البكائي على صفوف أهل الشام، فلما انصرف حمل عليه رجل من بنى تميم يقال له قيس بن فهد الحنظلي اليربوعي (4) فوضع الرمح بين كتفي عبد الله، فاعترضه يزيد بن معاوية البكائي، ابن عم عبد الله بن الطفيل، فوضع الرمح بين كتفي التميمي، وقال: والله لئن طعنته لأطعننك، فقال: عليك عهد الله لئن رفعت السنان عن ظهر صاحبك لترفعنه عن ظهري! قال: نعم، لك العهد والميثاق بذلك. فرفع السنان عن ظهر عبد الله، فرفع يزيد السنان عن التميمي، فوقف التميمي، وقال ليزيد:
ممن أنت؟ قال: من بنى عامر قال: جعلني الله فداكم! أينما لقيناكم كراما. أما والله إني لآخر أحد عشر رجلا من بنى تميم قتلتموهم اليوم.
قال نصر: فبعد ذلك بدهر عتب يزيد على عبد الله بن الطفيل، فأذكره ما صنع معه يوم صفين، فقال: