ألم ترني حاميت عنك مناصحا * بصفين إذ خلاك كل حميم ونهنهت عنك الحنظلي وقد أتى * على سابح ذي ميعة وهزيم (1) قال نصر: وخرج ابن مقيدة الحمار الأسدي وكان ذا بأس وشجاعة، وهو من فرسان الشام، فطلب البراز، فقام المقطع العامري، وكان شيخا كبيرا، فقال علي عليه السلام له:
اقعد، فقال: يا أمير المؤمنين لا تردني، إما أن يقتلني فأتعجل الجنة وأستريح من الحياة الدنيا في الكبر والهرم، أو أقتله فأريحك منه.
وقال له عليه السلام: ما اسمك؟ فقال: المقطع، قال: ما معنى ذلك؟ قال: كنت أدعى هشيما، فأصابتني جراحة منكرة، فدعيت المقطع منها، فقال له عليه السلام: اخرج إليه، وأقدم عليه، اللهم انصر المقطع على ابن مقيدة الحمار، فحمل على ابن مقيدة الحمار، فأدهشه لشدة الحملة، فهرب وهو يتبعه، حتى مر بمضرب (2) معاوية حيث يراه والمقطع على أثره، فجاوزا معاوية بكثير، فلما رجع المقطع ورجع ابن مقيدة الحمار، ناداه معاوية:
لقد شمص (3) بك العراقي، قال: أما إنه قد فعل أيها الأمير ثم عاد المقطع، فوقف في موقفه.
قال نصر: فلما كان عام الجماعة، وبايع الناس معاوية، سأل عن المقطع العامري، حتى أدخل عليه، وهو شيخ كبير، فلما رآه قال: آه، لولا أنك على مثل هذه الحال لما أفلت منى، قال: نشدتك الله إلا قتلتني وأرحتني من بؤس الحياة وأدنيتني إلى لقاء الله، قال: إني لا أقتلك، وإن بي إليك لحاجة قال: ما هي؟ قال: أحب أن تواخيني، قال: أنا وإياكم، افترقنا في الله، فلا نجتمع حتى يحكم الله بيننا في الآخرة.