قال: فزوجني ابنتك، قال: قد منعتك ما هو أهون على من ذلك، قال: فاقبل مني صلة، قال: لا حاجة لي فيما قبلك.
قال: فخرج من عنده ولم يقبل منه شيئا.
قال نصر: ثم التقى الناس، فاقتتلوا قتالا شديدا، وحاربت طئ مع أمير المؤمنين عليه السلام حربا عظيما، وتداعت وارتجزت، فقتل منها أبطال كثيرون، وفقئت عين بشر بن العوس الطائي، وكان من رجال طئ وفرسانها، فكان يذكر بعد ذلك أيام صفين، فيقول: وددت أنى كنت قتلت يومئذ، ووددت أن عيني هذه الصحيحة فقئت أيضا، وقال:
ألا ليت عيني هذه مثل هذه * ولم أمش بين الناس إلا بقائدي ويا ليت رجلي ثم طنت بنصفها (1) * ويا ليت كفى ثم طاحت بساعدي ويا ليتني لم أبق بعد مطرف * وسعد وبعد المستنير بن خالد فوارس لم تغد الحواضن مثلهم * إذا هي أبدت عن خدام الخرائد (2) قال نصر: وأبلت محارب يومئذ مع أمير المؤمنين عليه السلام بلاء حسنا، وكان عنتر ابن عبيد بن خالد بن المحاربي أشجع الناس يومئذ، فلما رأى أصحابه متفرقين، ناداهم:
يا معشر قيس، أطاعة الشيطان أبر عندكم من طاعة الرحمن! ألا إن الفرار فيه معصية الله وسخطه وإن الصبر فيه طاعة ورضوانه، أفتختارون سخط الله على رضوانه، ومعصيته على طاعته! ألا إنما الراحة بعد الموت لمن مات محتسبا لنفسه، ثم يرتجز فيقول:
لا وألت نفس امرئ ولى الدبر * أنا الذي لا أنثني ولا أفر