شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٢١
فقال لهما: اذهبا، فأيكما قتل العباس برازا فله كذا، فأتياه فدعواه للبراز، فقال: إن لي سيدا أريد أن أؤامره، فأتى عليا عليه السلام، فأخبره الخبر، فقال علي عليه السلام: والله لود معاوية، أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه، إطفاء لنور الله:
﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون﴾ (1)، أما والله ليملكنهم منا رجال ورجال يسومونهم الخسف، حتى يحتفروا الآبار، ويتكففوا الناس، ويتوكلوا على المساحي، ثم قال: يا عباس ناقلني سلاحك بسلاحي، فناقله ووثب على فرس العباس، وقصد اللخميين، فما شكا أنه هو، فقالا: أذن لك صاحبك، فحرج أن يقول: نعم، فقال: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (2)، فبرز إليه أحدهما، فكأنما اختطفه، ثم برز له الآخر فألحقه بالأول، ثم أقبل هو يقول: (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (3). ثم قال: يا عباس، خذ سلاحك وهات سلاحي، فإن عاد لك أحد فعد إلى.
قال: فنمى الخبر إلى معاوية، فقال: قبح الله اللجاج، إنه لقعود ما ركبته قط إلا خذلت.
فقال عمرو بن العاص: المخذول والله اللخميان لا أنت! فقال: اسكت أيها الرجل، وليست هذه من ساعاتك، قال: وإن لم يكن فرحم الله اللخميين وما أراه يفعل! قال: فإن ذاك والله أخسر لصفقتك، وأضيق لحجزتك.
قال: قد علمت ذاك، ولولا مصر لركبت المنجاة منها، قال: هي أعمتك، ولولا ها ألفيت بصيرا.

(١) سورة التوبة ٣٣ (2) سورة الحج 39 (3) سورة البقرة 194
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175