فقال لهما: اذهبا، فأيكما قتل العباس برازا فله كذا، فأتياه فدعواه للبراز، فقال: إن لي سيدا أريد أن أؤامره، فأتى عليا عليه السلام، فأخبره الخبر، فقال علي عليه السلام: والله لود معاوية، أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه، إطفاء لنور الله:
﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون﴾ (1)، أما والله ليملكنهم منا رجال ورجال يسومونهم الخسف، حتى يحتفروا الآبار، ويتكففوا الناس، ويتوكلوا على المساحي، ثم قال: يا عباس ناقلني سلاحك بسلاحي، فناقله ووثب على فرس العباس، وقصد اللخميين، فما شكا أنه هو، فقالا: أذن لك صاحبك، فحرج أن يقول: نعم، فقال: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (2)، فبرز إليه أحدهما، فكأنما اختطفه، ثم برز له الآخر فألحقه بالأول، ثم أقبل هو يقول: (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (3). ثم قال: يا عباس، خذ سلاحك وهات سلاحي، فإن عاد لك أحد فعد إلى.
قال: فنمى الخبر إلى معاوية، فقال: قبح الله اللجاج، إنه لقعود ما ركبته قط إلا خذلت.
فقال عمرو بن العاص: المخذول والله اللخميان لا أنت! فقال: اسكت أيها الرجل، وليست هذه من ساعاتك، قال: وإن لم يكن فرحم الله اللخميين وما أراه يفعل! قال: فإن ذاك والله أخسر لصفقتك، وأضيق لحجزتك.
قال: قد علمت ذاك، ولولا مصر لركبت المنجاة منها، قال: هي أعمتك، ولولا ها ألفيت بصيرا.