منظر، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن (١)، يقضى فيفصل، ويقدر فيغفر، ويفعل ما يشاء، إذا أراد أمرا أمضاه، وإذا عزم على شئ قضاه، لا يؤامر أحدا فيما يملك، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا. وقد كان فيما قضاه الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه البقعة من الأرض، ولف بيننا وبين أهل العراق، فنحن من الله بمنظر، وقد قال الله سبحانه: ﴿ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد﴾ (2).
انظروا يا أهل الشام، إنكم غدا تلقون أهل العراق، فكونوا على إحدى ثلاث خصال: إما أن تكونوا قوما طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا عليكم، فأقبلوا من بلادهم، حتى نزلوا في بيضتكم وإما أن تكونوا قوما تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم، وإما أن تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم فعليكم بتقوى الله والصبر الجميل، أسال الله لنا ولكم النصر، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق، وهو خير الفاتحين.
فقام ذو الكلاع فقال: يا معاوية:
إنا نحن الصبر الكرام، لا ننثني عند الخصام، بنو الملوك العظام، ذوي النهى والأحلام، لا يقربون الآثام.
فقال معاوية: صدقت (4).