شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٠٥
بعضنا بعضا، فأبى أبو كعب ذلك. فلما التقت خثعم وخثعم، وزحف الناس بعضهم إلى بعض، قال عبد الله بن حنش لقومه: يا معشر خثعم، إنا قد عرضنا على قومنا من أهل العراق الموادعة، صلة لأرحامها، وحفظا لحقها، فأبوا إلا قتالنا وقد بدأونا بالقطيعة، فكفوا أيديكم عنهم حفظا لحقهم أبدا ما كفوا عنكم، فإن قاتلوكم فقاتلوهم. فخرج رجل من أصحابه فقال: إنهم قد ردوا عليك رأيك، وأقبلوا إليك يقاتلونك، ثم برز، فنادى رجل: يا أهل العراق. فغضب عبد الله بن حنش، قال: اللهم قيض له وهب بن مسعود - يعنى رجلا من خثعم الكوفة، كان شجاعا يعرفونه في الجاهلية، لم يبارزه رجل قط إلا قتله - فخرج إليه وهب بن مسعود فقتله، ثم اضطربوا ساعة، واقتتلوا أشد قتال، فجعل أبو كعب يقول لأصحابه: يا معشر خثعم: خدموا، أي اضربوا موضع الخدمة، وهي الخلخال، يعنى اضربوهم في سوقهم، فناداه عبد الله بن حنش: يا أبا كعب، الكل قومك فأنصف، قال: أي والله وأعظم. واشتد قتالهم، فحمل شمر بن عبد الله الخثعمي، من خثعم الشام على أبى كعب، فطعنه فقتله، ثم انصرف يبكى، ويقول: يرحمك الله أبا كعب! لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس بي رحما منهم، وأحب إلى منهم نفسا، ولكني والله لا أدرى ما أقول، ولا أرى الشيطان إلا قد فتننا، ولا أرى قريشا إلا وقد لعبت بنا! قال: ووثب كعب بن أبي كعب إلى راية أبيه، فأخذها ففقئت عينه وصرع، ثم أخذها شريح بن مالك الخثعمي، فقاتل القوم تحتها حتى صرع منهم حول رايتهم نحو ثمانين رجلا، وأصيب من خثعم الشام مثلهم، ثم ردها شريح بن مالك بعد ذلك إلى كعب بن أبي كعب (1).
قال نصر: وحدثنا عمرو، قال: حدثنا عبد السلام بن عبد الله بن جابر، أن راية بجيلة في صفين مع أهل العراق كانت في أحمس مع أبي شداد، قيس بن المكشوح بن

(1) صفين 291
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175