فقال: معاشر أهل الشام، سووا صفوفكم قص الشارب، وأعيرونا (١) جماجمكم ساعة، فقد بلغ الحق مقطعه، فلم يبق إلا ظالم أو مظلوم.
قال نصر: وأقبل أبو الهيثم بن التيهان وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بدريا نقيبا عقبيا، يسوى صفوف أهل العراق ويقول: يا معشر أهل العراق (٢) إنه ليس بينكم وبين الفتح في العاجل، والجنة في الآجل إلا ساعة من النهار، فأرسوا أقدامكم، وسووا صفوفكم، وأعيروا ربكم جماجمكم، استعينوا بالله إلهكم، وجاهدوا عدو الله وعدوكم، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم! واصبروا فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن الفضل بن أدهم، عن أبيه أن الأشتر قام يخطب الناس بقناصرين، وهو يومئذ على فرس أدهم، مثل حلك الغراب، فقال:
الحمد لله الذي خلق السماوات العلى، ﴿الرحمن على العرش استوى. له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى﴾ (3)، أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء، حمدا كثيرا، بكرة وأصيلا، من هداه الله فقد اهتدى، ومن يضلل فقد غوى، أرسل محمدا بالصواب والهدى، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله عليه وسلم.
ثم قد كان مما قضى الله سبحانه وقدر أن ساقتنا المقادير إلى أهل هذه البلدة من الأرض، فلفت بيننا وبين عدو الله وعدونا، فنحن بحمد الله ونعمه، ومنه وفضله، قريرة أعيننا، طيبة أنفسنا، نرجو بقتالهم حسن الثواب، والامن من العقاب، معنا ابن عم نبينا، وسيف من سيوف الله علي بن أبي طالب، صلى مع رسول الله، لم يسبقه إلى الصلاة