قال نصر: ورفع معاوية قبة عظيمة، وألقى عليها الكرابيس (1)، وجلس تحتها.
قال نصر (2): وقد كان لهم قبل هذا اليوم أيام ثلاثة، وهي الرابع من صفر هذا، واليوم الخامس، واليوم السادس، كانت فيها مناوشات وقتال ليس بذلك الكثير، فأما اليوم الرابع، فإن محمد بن الحنفية عليه السلام، خرج في جمع من أهل العراق، فأخرج إليه معاوية عبيد الله بن عمر بن الخطاب في جمع من أهل الشام، فاقتتلوا. ثم إن عبيد الله بن عمر أرسل إلى محمد بن الحنفية أن اخرج إلى أبارزك، فقال: نعم، ثم خرج إليه، فبصر بهما علي عليه السلام، فقال: من هذان المتبارزان؟ قيل: محمد بن الحنفية وعبيد الله بن عمر، فحرك دابته، ثم دعا محمدا إليه فجاءه فقال: أمسك دابتي، فأمسكها، فمشى راجلا بيده سيفه نحو عبيد الله، وقال له: أنا أبارزك، فهلم إلى، فقال عبيد الله: لا حاجة بي (3) إلى مبارزتك، قال: بلى، فهلم إلى، قال: لا أبارزك، ثم رجع إلى صفه، فرجع علي عليه السلام، فقال ابن الحنفية: يا أبت لم منعتني من مبارزته، فوالله لو تركتني لرجوت أن أقتله! قال:
يا بنى، لو بارزته أنا لقتلته، ولو بارزته أنت لرجوت لك أن تقتله، وما كنت آمن أن يقتلك، فقال: يا أبت أتبرز بنفسك إلى هذا الفاسق اللئيم عدو الله! والله لو أبوه يسألك المبارزة لرغبت بك عنه. فقال: يا بنى لا تذكر أباه، ولا تقل فيه إلا خيرا، رحم الله أباه!
قال نصر (4): وأما اليوم الخامس، فإنه خرج فيه عبد الله بن العباس، فخرج إليه الوليد بن عقبة، فأكثر من سب بنى عبد المطلب (5)، وقال: يا بن عباس: قطعتم أرحامكم،