قال نصر: وبات علي عليه السلام ليلته يعبى الناس حتى إذا أصبح زحف بهم، وخرج إليه معاوية في أهل الشام فجعل يقول: من هذه القبيلة ومن هذه القبيلة؟ يعنى قبائل أهل الشام فيسمون له حتى إذا عرفهم، وعرف مراكزهم (1) قال للأزد: اكفوني الأزد، وقال لخثعم: اكفوني خثعما، وأمر كل قبيلة من العراق أن تكفيه أختها من أهل الشام، إلا قبيلة ليس منهم بالعراق إلا القليل مثل بجيلة، فإن لخما كانت بإزائها، ثم تناهض القوم يوم الأربعاء سادس صفر واقتتلوا إلى آخر نهارهم، وانصرفوا عند المساء، وكل غير غالب.
قال نصر: فأما اليوم السابع فكان القتال فيه شديدا، والخطب عظيما، وكان عبد الله بن بديل الخزاعي على ميمنة العراق، فزحف نحو حبيب بن مسلمة، وهو على ميسرة أهل الشام، فلم يزل يحوزه ويكشف خيله حتى اضطر بهم إلى قبة معاوية وقت الظهر (2) قال نصر: فحدثنا عمر بن سعد، قال حدثنا مالك بن أعين، عن زيد بن وهب أن عبد الله بن بديل قام في أصحابه فخطبهم فقال: ألا إن معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الامر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزين لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمور، وزادهم رجسا إلى رجسهم، وأنتم والله على نور وبرهان [مبين] (3). قاتلوا الطغاة الجفاة، قاتلوهم ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم، وفى أيديكم كتاب من ربكم ظاهر مبين: (4) (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين. قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم