وفى حيزنا، فوالله الذي هو بالعباد بصير، أن لو كان قائدنا رجلا مجدعا، إلا أن معنا من البدريين سبعين رجلا لكان ينبغي لنا أن تحسن بصائرنا، وتطيب أنفسنا فكيف وإنما رئيسنا ابن عم نبينا، بدري صدق، صلى صغيرا، وجاهد مع نبيكم كثيرا، ومعاوية طليق من وثاق الأسئار [وابن طليق] (1). ألا أنه أغوى جفاة فأوردهم النار، وأوردهم العار، والله محل بهم الذل والصغار. ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا، فعليكم بتقوى الله، من الجد والحزم، والصدق والصبر، فإن الله مع الصابرين، ألا إنكم تفوزون بقتلهم، ويشقون بقتلكم، والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن، وأدخل المقتول نارا تلظى، لا يفتر عنهم، وهم فيه مبلسون، عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه، وجعلنا وإياكم ممن أطاعه واتقاه، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمؤمنين.
ثم قال الشعبي: ولقد صدق فعله ما قال في خطبته (2).
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر، وزيد بن الحسن، قالا:
طلب معاوية إلى عمرو بن العاص أن يسوى صفوف أهل الشام، فقال له عمرو: على أن لي حكمي إن قتل الله ابن أبي طالب، واستوثقت لك البلاد! فقال: أليس حكمك في مصر! قال: وهل مصر تكون عوضا عن الجنة، وقتل ابن أبي طالب ثمنا لعذاب النار الذي (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون) (3)! فقال معاوية: إن لك حكمك أبا عبد الله إن قتل ابن أبي طالب. رويدا لا يسمع أهل الشام كلامك. فقام عمرو