قال نصر: وخطب علي عليه السلام أصحابه فيما حدثنا به عمر بن سعد، عن أبي يحيى، عن محمد بن طلحة عن أبي سنان عن أبيه قال كأني أنظر إليه متوكئا على قوسه، وقد جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عنده، فهم يلونه، كأنه أحب أن يعلم الناس أن الصحابة متوافرون معه، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
أما (1 بعد، فإن الخيلاء من التجبر 1)، وإن النخوة من التكبر، وإن الشيطان عدو حاضر، يعدكم الباطل، ألا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابذوا ولا تخاذلوا. ألا إن شرائع الدين واحدة وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن فارقها محق، ومن تركها مرق.
ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذاب إذا نطق. نحن أهل بيت الرحمة، وقولنا الصدق وفعلنا القصد (2)، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام، وفينا حملة الكتاب. ألا إنا ندعوكم إلى الله وإلى رسوله، وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء مرضاته، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ على أهله (3). ألا وإن من أعجب العجائب أن معاوية بن أبي سفيان الأموي، وعمرو بن العاص السهمي، أصبحا يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما، ولقد علمتم أنى لم أخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولم أعصه في أمر، أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها الابطال، وترعد فيها الفرائص، بنجدة (4) أكرمني الله سبحانه بها، وله الحمد، ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي وحدي، تقلبه الملائكة المقربون معي. وأيم الله ما اختلفت أمه قط بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، إلا ما شاء الله.