شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٨١
قال نصر: وخطب علي عليه السلام أصحابه فيما حدثنا به عمر بن سعد، عن أبي يحيى، عن محمد بن طلحة عن أبي سنان عن أبيه قال كأني أنظر إليه متوكئا على قوسه، وقد جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عنده، فهم يلونه، كأنه أحب أن يعلم الناس أن الصحابة متوافرون معه، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
أما (1 بعد، فإن الخيلاء من التجبر 1)، وإن النخوة من التكبر، وإن الشيطان عدو حاضر، يعدكم الباطل، ألا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابذوا ولا تخاذلوا. ألا إن شرائع الدين واحدة وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن فارقها محق، ومن تركها مرق.
ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذاب إذا نطق. نحن أهل بيت الرحمة، وقولنا الصدق وفعلنا القصد (2)، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام، وفينا حملة الكتاب. ألا إنا ندعوكم إلى الله وإلى رسوله، وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء مرضاته، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ على أهله (3). ألا وإن من أعجب العجائب أن معاوية بن أبي سفيان الأموي، وعمرو بن العاص السهمي، أصبحا يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما، ولقد علمتم أنى لم أخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولم أعصه في أمر، أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها الابطال، وترعد فيها الفرائص، بنجدة (4) أكرمني الله سبحانه بها، وله الحمد، ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي وحدي، تقلبه الملائكة المقربون معي. وأيم الله ما اختلفت أمه قط بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، إلا ما شاء الله.

(1 - 1) صفين: (أيها الناس، اسمعوا مقالتي، وعوا كلامي، فإن الخيلاء من التجبر).
(2) كذا في ا، ج وصفين: وفى ب: (الفضل).
(3) صفين: (لأهله).
(4) صفين: (نجدة).
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175