شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٨٢
قال أبو سنان الأسلمي: فأشهد لقد سمعت عمار بن ياسر، يقول للناس: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن الأمة لم تستقم عليه أولا، وأنها لن تستقيم عليه آخرا.
قال: ثم تفرق الناس، وقد نفذت أبصارهم في قتال عدوهم، فتأهبوا واستعدوا.
قال نصر (١): وحدثنا عمر بن سعد، عن مالك بن أعين، عن زيد بن وهب (٢) أن عليا عليه السلام، قال في هذه الليلة: حتى متى لا نناهض القوم بأجمعنا! ثم قام في الناس فقال:
الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، ولا ينقض ما أبرم، ولو شاء ما اختلف اثنان من هذه الأمة ولا من خلقه، ولا تنازع (٣) البشر في شئ من أمره، ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله، وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الاقدار، حتى لفت بيننا في هذا الموضع، ونحن من ربنا بمرأى ومسمع، ولو شاء لعجل النقمة، ولكان منه النصر، حتى يكذب الله الظالم، ويعلم الحق أين مصيره. ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، والآخرة دار الجزاء والقرار: ﴿ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى﴾ (4). ألا إنكم لاقوا العدو غدا إن شاء الله فأطيلوا الليلة القيام، وأكثروا تلاوة القرآن، واسألوا الله الصبر والنصر، وألقوهم بالجد والحزم، وكونوا صادقين.
قال: فوثب الناس إلى رماحهم وسيوفهم ونبالهم يصلحونها، وخرج عليه السلام فعبى الناس ليلته تلك كلها حتى أصبح، وعقد الألوية، وأمر الامراء، وكتب الكتائب، وبعث إلى أهل الشام مناديا نادى (5) فيهم: اغدوا على مصافكم. فضج أهل الشام في معسكرهم، واجتمعوا إلى معاوية فعبى خيله، وعقد ألويته، وأمر أمراءه، وكتب كتائبه، وأحاط به أهل حمص في راياتهم، وعليهم أبو الأعور السلمي، وأهل الأردن في راياتهم عليهم عمرو بن العاص، وأهل قنسرين وعليهم زفر بن الحارث الكلابي، وأهل دمشق - وهم القلب -

(١) صفين ص ٢٥٢، ٢٥٣ (٢) صفين: (بزيد بن وهب) (٣) صفين: (ولا تنازعت الأمة).
(٤) سورة النجم ٣١.
(5) ج: (ينادى).
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175