قالوا: فأما احتجاج القاطعين على موته، فقد ظهر فساده بما حكى من الجواب عنه.
قالوا: ومما يدل على بطلانه من الكتاب العزيز قوله تعالى: ﴿ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب﴾ (1) فحكم سبحانه بأن إثباته القصاص مما يزجر القاتل عن القتل، فتدوم حياة المقتول، فلو كان المقتول يموت لو لم يقتله القاتل ما كان في إثبات القصاص حياة.
قالوا: وأما احتجاج البغداديين على القطع على حياته، بما حكى عنهم، فلا حجة فيه. أما إلزام القاتل القود والغرامة فلانا غير قاطعين على موت المقتول لو لم يقتل، بل يجوز أن يبقى ويغلب ذلك على ظنوننا، لأن الظاهر من حال الحيوان الصحيح ألا يموت في ساعته، ولا بعد ساعته وساعات، فنحن نلزم القاتل القود والغرامة، لأن الظاهر أنه أبطل ما لو لم يبطله لبقى.
وأيضا فموت المقتول لو لم يقتله القاتل لا يخرج القاتل من كونه مسيئا، لأنه هو الذي تولى إبطال الحياة، ألا ترى أن زيدا لو قتل عمرا لكان مسيئا إليه، وإن كان المعلوم أنه لو لم يقتله لقتله خالد في ذلك الوقت!
وأيضا فلو لم يقتل القاتل المقتول، ولم يذبح الشاة حتى ماتا، لكان يستحق المقتول ومالك الشاة من الأعواض على الباري سبحانه أكثر مما يستحقانه على القاتل والذابح، فقد أساء القاتل والذابح حيث فوتا على المقتول ومالك الشاة زيادة الأعواض.
فأما شيخنا أبو الحسين فاختار الشك أيضا في الامرين إلا في صورة واحدة، فإنه قطع فيها على دوام الحياة، وهي أن الظالم قد يقتل في الوقت الواحد الألوف الكثيرة في المكان الواحد، ولم تجر العادة بموت مثلهم في حالة واحدة في المكان الواحد، واتفاق ذلك نقض العادة، وذلك لا يجوز.