شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٣٥
يتأخر عما أجل له، ليس على معنى أن القاتل مضطر إلى (١) قتله، حتى لا يمكنه الامتناع منه، بل هو قادر على أن يمتنع من قتله، ولكنه لا يمتنع منه، إذ كان المعلوم أنه يقتله لأجله بعينه، وكتب ذلك عليه. ولو توهمنا في التقدير، أنه يمتنع من قتله لكان الانسان يموت لأجل ذلك، لأنهما أمران مؤجلان بأجل واحد، فأحدهما قتل القاتل إياه، والثاني تصرم مدة عمره وحلول الموت به، فلو قدرنا امتناع القاتل من قتله، لكان لا يجب بذلك ألا يقع المؤجل الثاني الذي هو حلول الموت به، بل كان يجب أن يموت بأجله.
قال: وبيان ذلك من كتاب الله توبيخه المنافقين على قولهم: (لو كانوا (٢) عندنا ما ماتوا وما قتلوا)، فقال تعالى لهم: ﴿قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين﴾ (3)، فدل على أنهم لو تجنبوا مصارع القتل لم يكونوا ليدرءوا بذلك الموت عن أنفسهم.
وقالت الأشعرية والجهمية والجبرية كافة: إنها آجال مضروبة محدودة، وإذا أجل الاجل، وكان في المعلوم أن بعض الناس يقتل، وجب وقوع القتل منه لا محالة، وليس يقدر القاتل على الامتناع من قتله، وتقدير انتفاء القتل ليقال: كيف كانت تكون الحال، تقدير أمر محال، كتقدير عدم القديم وإثبات الشريك، وتقدير الأمور المستحيلة لغو وخلف من القول.
وقال قوم من أصحابنا البغداديين رحمهم الله بالقطع على حياته لو لم يقتله القاتل، وهذا عكس مذهب أبي الهذيل ومن وافقه، وقالوا: لو كان المقتول يموت في ذلك الوقت لو لم يقتله القاتل لما كان القاتل مسيئا إليه، إذ لم يفوت عليه حياة لو لم يبطلها لبقيت، ولما استحق

(١) ب: (على قتله))، وما أثبته من ا، ج.
(٢) سورة آل عمران ١٥٦.
(٣) سورة آل عمران ١٦٨.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175