شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٣٧
وقال قدماء الشيعة: الآجال تزيد وتنقص، ومعنى الاجل، الوقت الذي علم الله تعالى أن الانسان يموت فيه إن لم يقتل قبل ذلك، أو لم يفعل فعلا يستحق به الزيادة والنقصان في عمره.
قالوا: وربما يقتل الانسان الذي ضرب (1) له من الاجل خمسون سنة، وهو ابن عشرين سنة، وربما يفعل من الافعال ما يستحق به الزيادة، فيبلغ مائة سنة، أو يستحق به النقيصة فيموت وهو ابن ثلاثين سنة.
قالوا: فمما يقتضى الزيادة، صله الرحم، ومما يقتضى النقيصة الزنا وعقوق الوالدين، وتعلقوا بقوله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب).
وربما قال قوم منهم: أن الله تعالى يضرب الاجل لزيد خمسين سنة أو ما يشاء، فيرجع عن ذلك فيما بعد، ويجعله أربعين أو ثلاثين، أو ما يشاء، وبنوه على قولهم في البدء.
وقال أصحابنا: هذا يوجب أن يكون الله تعالى قد أجل الآجال على التخمين دون التحقيق، حيث أجل لزيد خمسين، فقتل لعشرين، وأفسدوا أن يعلم الله تعالى الشئ (2) بشرط، وأن يبدو له فيما يقضيه ويقدره، بما هو مشهور في كتبهم.
وقالوا في الآية: إن المراد بها أن ينقص سبحانه بعض الناس عن مقدار أجل المعمر، بأن يكون انتقص منه عمرا، ليس أنه ينقص من عمر ذلك المعمر.
فأما مشايخنا أبو علي وأبو هاشم فتوقفا في هذه المسألة وشكا في حياة المقتول وموته، وقالا: لا يجوز أن يبقى لو لم يقتل، ويجوز أن يموت، قالا: لان حياته وموته مقدوران لله عز وجل، وليس في العقل ما يدل على قبح واحد منهما، ولا في الشرع ما يدل على حصول واحد منهما، فوجب الشك فيهما، إذ لا دليل يدل على واحد منهما.

(1) ب: (صرف)، تحريف وصوابه من ج.
(2) ساقطة من ب.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175