وقال قدماء الشيعة: الآجال تزيد وتنقص، ومعنى الاجل، الوقت الذي علم الله تعالى أن الانسان يموت فيه إن لم يقتل قبل ذلك، أو لم يفعل فعلا يستحق به الزيادة والنقصان في عمره.
قالوا: وربما يقتل الانسان الذي ضرب (1) له من الاجل خمسون سنة، وهو ابن عشرين سنة، وربما يفعل من الافعال ما يستحق به الزيادة، فيبلغ مائة سنة، أو يستحق به النقيصة فيموت وهو ابن ثلاثين سنة.
قالوا: فمما يقتضى الزيادة، صله الرحم، ومما يقتضى النقيصة الزنا وعقوق الوالدين، وتعلقوا بقوله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب).
وربما قال قوم منهم: أن الله تعالى يضرب الاجل لزيد خمسين سنة أو ما يشاء، فيرجع عن ذلك فيما بعد، ويجعله أربعين أو ثلاثين، أو ما يشاء، وبنوه على قولهم في البدء.
وقال أصحابنا: هذا يوجب أن يكون الله تعالى قد أجل الآجال على التخمين دون التحقيق، حيث أجل لزيد خمسين، فقتل لعشرين، وأفسدوا أن يعلم الله تعالى الشئ (2) بشرط، وأن يبدو له فيما يقضيه ويقدره، بما هو مشهور في كتبهم.
وقالوا في الآية: إن المراد بها أن ينقص سبحانه بعض الناس عن مقدار أجل المعمر، بأن يكون انتقص منه عمرا، ليس أنه ينقص من عمر ذلك المعمر.
فأما مشايخنا أبو علي وأبو هاشم فتوقفا في هذه المسألة وشكا في حياة المقتول وموته، وقالا: لا يجوز أن يبقى لو لم يقتل، ويجوز أن يموت، قالا: لان حياته وموته مقدوران لله عز وجل، وليس في العقل ما يدل على قبح واحد منهما، ولا في الشرع ما يدل على حصول واحد منهما، فوجب الشك فيهما، إذ لا دليل يدل على واحد منهما.