الأمانة، ويتناولون الصدقة من غير فرضها، ويضعونها غير موضعها، فتلك الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله، فالعنوهم لعنهم الله.
قال: ثم ذكر شيعة آل أبي طالب، فقال: وأما إخواننا من الشيعة - وليسوا (1) بإخواننا في الدين، لكني سمعت الله يقول: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) - فإنها فرقة تظاهرت بكتاب الله، وآثرت الفرقة على الله، لا يرجعون إلى نظر نافذ في القرآن، ولا عقل بالغ في الفقه، ولا تفتيش عن حقيقة الثواب، قد قلدوا أمورهم أهواءهم، وجعلوا دينهم العصبية لحزب لزموه، وأطاعوه في جميع ما يقوله غيا كان أو رشدا، ضلالة كان أو هدى، ينتظرون الدول في رجعة الموتى ويؤمنون بالبعث قبل الساعة، ويدعون علم الغيب لمخلوقين لا يعلم واحدهم ما في بيته، بل لا يعلم ما ينطوي عليه ثوبه، أو يحويه جسمه، ينقمون المعاصي على أهلها، ويعملون بها ولا يعلمون المخرج منها، جفاة في دينهم، قليلة عقولهم، قد قلدوا أهل بيت من العرب دينهم، وزعموا أن موالاتهم لهم تغنيهم عن الأعمال الصالحة، وتنجيهم من عقاب الأعمال السيئة، قاتلهم الله أنى يؤفكون!
فأي الفرق يا أهل المدينة تتبعون، أم بأي مذاهبهم تقتدون! ولقد بلغني مقالكم في أصحابي، وما عبتموه من حداثة أسنانهم، ويحكم! وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أحداثا! نعم إنهم لشباب مكتهلون (2) في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة في الباطل أرجلهم، أنضاء (3) عبادة، قد نظر الله إليهم في جوف الليل، محنية أصلابهم على أجزاء القرآن كلما مر أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقا، وكلما مر بآية فيها ذكر النار شهق خوفا، كأن زفير جهنم بين أذنيه، قد أكلت الأرض جباههم وركبهم،