أمه ما أضعفها وأضيعها! ومضوا على ذلك من سيئ أعمالهم واستخفافهم بكتاب الله، قد نبذوه وراء ظهورهم، فالعنوهم لعنهم الله لعنا، [كما يستحقونه] (1). ولقد ولى منهم عمر بن عبد العزيز فاجتهد ولم يكد، وعجز عن الذي أظهر، حتى مضى لسبيله.
قال: ولم يذكره بخير ولا بشر، ثم قال: وولى بعده يزيد بن الوليد عبد الملك، غلام سفيه ضعيف، غير مأمون على شئ من أمور المسلمين، لم يبلغ أشده، ولم يؤنس رشده، وقد قال الله عز وجل: (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) وأمر أمة محمد صلى الله عليه وأحكامها وفروجها ودمائها أعظم عند الله من مال اليتيم، وإن كان عند الله عظيما، غلام مأبون في فرجه وبطنه، يأكل الحرام، ويشرب الخمر، ويلبس بردين قد حيكا من غير حلهما، وصرفت أثمانهما في غير وجهها، بعد أن ضربت فيهما الأبشار (2)، وحلقت فيهما الاشعار، استحل ما لم يحله الله لعبد صالح، ولا لنبي مرسل، فأجلس حبابة عن يمينه، وسلامة عن يساره، يغنيانه بمزامير الشيطان، ويشرب الخمر الصراح، المحرمة نصا بعينها، حتى إذا أخذت منه مأخذها، وخالطت روحه ولحمه ودمه، وغلبت سورتها على عقله، مزق برديه، ثم التفت إليهما، فقال: أتأذنان لي بأن أطير! نعم فطر إلى النار، طر إلى لعنة الله، طر إلى حيث لا يردك الله.
ثم ذكر بنى أمية وأعمالهم، فقال: أصابوا إمرة ضائعة، وقوما طغاما جهالا لا يقومون لله بحق، ولا يفرقون بين الضلالة والهدى، ويرون أن بنى أمية أرباب لهم، فملكوا الامر، وتسلطوا فيه تسلط ربوبية، بطشهم بطش الجبابرة، يحكمون بالهوى، ويقتلون على الغضب ويأخذون بالظن، ويعطلون الحدود بالشفاعات، ويؤمنون الخونة، ويعصون ذوي