فأقبلنا من قبائل شتى، النفر (1) منا على البعير الواحد، وعليه زادهم، يتعاورون لحافا واحدا، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، وأصبحنا - والله المحمود - من أهل فضله ونعمته. ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، فدعونا إلى طاعة الشيطان، وحكم مروان، فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد! ثم أقبلوا يزفون (2) ويهرعون، قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه (3)، وصدق عليهم إبليس ظنه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون.
وأيم الله يا أهل المدينة، إن تنصروا مروان وآل مروان فيسحتكم (4) الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنين.
يا أهل المدينة، الناس منا ونحن منهم، إلا مشركا عباد وثن، أو كافرا من أهل الكتاب، أو إماما جائرا.
يا أهل المدينة، من يزعم أن الله تعالى كلف نفسا فوق طاقتها، وسألها عما لم يؤتها فهو لنا حرب.
يا أهل المدينة، أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله في كتابه على القوى والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها سهم، فأخذها جميعا لنفسه، مكابرا محاربا لربه، ما تقولون فيه، وفيمن عاونه على فعله؟
يا أهل المدينة، بلغني أنكم تنتقصون أصحابي، قلتم: هم شباب أحداث، وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة! وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا