شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١١٥
فأقبلنا من قبائل شتى، النفر (1) منا على البعير الواحد، وعليه زادهم، يتعاورون لحافا واحدا، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، وأصبحنا - والله المحمود - من أهل فضله ونعمته. ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، فدعونا إلى طاعة الشيطان، وحكم مروان، فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد! ثم أقبلوا يزفون (2) ويهرعون، قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه (3)، وصدق عليهم إبليس ظنه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون.
وأيم الله يا أهل المدينة، إن تنصروا مروان وآل مروان فيسحتكم (4) الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنين.
يا أهل المدينة، الناس منا ونحن منهم، إلا مشركا عباد وثن، أو كافرا من أهل الكتاب، أو إماما جائرا.
يا أهل المدينة، من يزعم أن الله تعالى كلف نفسا فوق طاقتها، وسألها عما لم يؤتها فهو لنا حرب.
يا أهل المدينة، أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله في كتابه على القوى والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها سهم، فأخذها جميعا لنفسه، مكابرا محاربا لربه، ما تقولون فيه، وفيمن عاونه على فعله؟
يا أهل المدينة، بلغني أنكم تنتقصون أصحابي، قلتم: هم شباب أحداث، وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة! وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا

(1) النفر: جماعة الرجال، من ثلاثة إلى عشرة.
(2) يزفون: يسرعون، وأصله في الظليم.
(3) جران البعير: مقدم عنقه.
(4) يسحتكم: يستأصلكم.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175