وآثار نقتدي بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، وعدل فيما حكم، وندعو إلى توحيد الرب واليقين، بالوعد والوعيد، وأداء الفرائض، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، والعداوة لأعداء الله. أيها الناس إن من رحمه الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون على الألم في جنب الله، ويقتلون على الحق في سالف الأيام، شهداء فما نسيهم ربهم، وما كان ربك نسيا. أوصيكم بتقوى الله وحسن القيام على ما وكلتم بالقيام عليه، وقابلوا الله حسنا في أمره وزجره، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قال: وأقام عبد الله بن يحيى بصنعاء أشهرا، يحسن السيرة في الناس، ويلين جانبه لهم، ويكف الأذى عنهم، وكثر جمعه، وأتته الشراة من كل جانب، فلما كان في وقت الحج وجه أبا حمزة المختار بن عوف، وبلخ بن عقبة، وأبرهة بن الصباح إلى مكة، والأمير عليهم أبو حمزة في الف، وأمره أن يقيم بمكة إذا صدر الناس، ويوجه بلجا إلى الشام، فأقبل المختار إلى مكة يوم التروية، وعليها وعلى المدينة عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك في خلافة مروان بن محمد بن مروان، وأم عبد الواحد بنت عبد الله بن خالد بن أسيد، فكره عبد الوحد قتالهم، وفزع الناس منهم حين رأوهم وقد طلعوا عليهم بعرفة ومعهم أعلام سود في رؤوس الرماح، وقالوا: لهم ما لكم وما حالكم؟ فأخبروهم بخلافهم مروان وآل مروان والتبري منهم، فراسلهم عبد الواحد في ألا يعطلوا على الناس حجتهم، فقال أبو حمزة: نحن بحجنا أضن، وعليه أشح، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض، حتى ينفر الناس النفر الأخير، وأصبحوا من الغد، ووقفوا بحيال عبد الواحد بعرفة ودفع عبد الواحد بالناس، فلما كانوا بمنى، قيل لعبد الواحد: قد أخطأت فيهم، ولو حملت عليهم الحاج ما كانوا إلا أكلة رأس (1).