ابن أفلح مولى ابن القيس، يقول: لقيني في ذلك اليوم وأنا غلام رجل من أصحاب ابن عطية، فقال لي: ما اسمك يا غلام؟ فقلت: العلاء، فقال: ابن من؟ قلت: ابن أفلح، قال: أعربي أم مولى؟ فقلت: مولى، قال: مولى من؟ قلت: مولى أبى الغيث، قال:
فأين نحن؟ قلت بالمعلى، قال: فأين نحن غدا؟ قلت: بغالب (1)، قال: فما كلمني حتى أردفني خلفه، ومضى حتى أدخلني على ابن عطية، وقال له: أيها الأمير، سل الغلام ما اسمه؟
فسأل وأنا أرد عليه القول، فسر بذلك، ووهب لي دراهم.
قال أبو الفرج: وقدم أبو حمزة، وأمامه بلج بن عقبة في ستمائة رجل، ليقاتل عبد الملك ابن عطية، فلقيه بوادي، القرى لأيام خلت من جمادى الأولى سنة ثلاثين ومائة، فتواقفوا، ودعاهم بلج إلى الكتاب والسنة، وذكر بنى أمية وظلمهم، فشتمه أهل الشام، وقالوا:
يا أعداء الله، أنتم أحق بهذا ممن ذكرتم. فحمل بلج وأصحابه عليهم، وانكشفت طائفة من أهل الشام، وثبت ابن عطية في عصبة صبروا معه، فناداهم: يا أهل الشام، يا أهل الحفاظ، ناضلوا عن دينكم وأميركم، واصبروا وقاتلوا قتالا شديدا، فقتل بلج وأكثر أصحابه، وانحازت قطعة من أصحابه نحو المائة إلى جبل اعتصموا به، فقاتلهم ابن عطية ثلاثة أيام، فقتل منهم سبعين رجلا، ونجا منهم ثلاثون.
فرجعوا إلى أبى حمزة وهو بالمدينة، وقد اغتموا وجزعوا من ذلك الخبر، وقالوا: فررنا من الزحف، فقال لهم أبو حمزة: لا تجزعوا فإنا لكم فئة (2)، وإلى تحيزتم.
وخرج أبو حمزة إلى مكة، فدعا عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أهل المدينة إلى قتال المفضل، خليفة أبى حمزة على المدينة، فلم يجد إليه أحدا، لان القتل قد كان أسرع في الناس، وخرج وجوه أهل البدعة، فاجتمع إلى عمر البربر والزنوج وأهل السوق، فقاتل