فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، ولست تدرى متى يأتي أجلك، ولله بقية خير من عباده، يبعثهم إذا شاء بنصر دينه، ويختص بالشهادة منهم من يشاء.
وشخص إليه أبو حمزة المختار بن عوف الأزدي وبلج بن عقبة المسعودي في رجال من الأباضية، فقدموا عليه حضرموت فحرضوه على الخروج، وأتوه بكتب أصحابه يوصونه ويوصون أصحابه: إذا خرجتم فلا تغلوا، ولا تغدروا، واقتدوا بسلفكم الصالحين، وسيروا بسيرتهم، فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العيب لأعمالهم.
فدعا عبد الله أصحابه فبايعوه، وقصدوا دار الامارة، وعلى حضرموت يومئذ إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي فأخذه، فحبسه يوما ثم أطلقه، فأتى صنعاء، وأقام عبد الله بحضرموت، وكثر جمعه، وسموه (طالب الحق).
وكتب إلى من كان من بأصحابه بصنعاء: إني قادم عليكم، ثم استخلف على حضرموت عبد الله بن سعيد الحضرمي، وتوجه إلى صنعاء، وذلك في سنة تسعة عشر ومائة في ألفين، والعامل على صنعاء يومئذ القاسم بن عمرو أخو يوسف بن عمرو الثقفي، فجرت بينه وبين عبد الله بن يحيى حروب ومناوشات، كانت الدولة فيها والنصرة لعبد الله بن يحيى، فدخل إلى صنعاء، وجمع ما فيها من الخزائن والأموال فأحرزها.
فلما استولى على بلاد اليمن خطب، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله، وذكر وحذر، ثم قال: إنا ندعوكم أيها الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه، وإجابة من دعا إليهما.
الاسلام ديننا، ومحمد نبينا، والكعبة قبلتنا، والقرآن إمامنا، رضينا بالحلال حلالا، لا نبتغي به بدلا، ولا نشتري به ثمنا، وحرمنا الحرام، ونبذناه وراء ظهورنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول، من زنى فهو كافر، ومن سرق فهو كافر، ومن شرب الخمر فهو كافر، ومن شك في أنه كافر فهو كافر، ندعوكم إلى فرائض بينات، وآيات محكمات،