وبعث عبد الواحد إلى أبى حمزة عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبيد الله ابن عمر بن حفص العمرى، وربيعة بن عبد الرحمن، ورجالا أمثالهم، فلما قربوا من أبى حمزة أخذتهم مسالحه (1) فأدخلوا على أبى حمزة، فوجدوه جالسا، وعليه إزار قطري (2) قد ربطه بحوره في قفاه، فلما دنوا، تقدم إليه عبد الله بن الحسن العلوي، ومحمد بن عبد الله العثماني، فنسبهما (3)، فلما انتسبا له عبس في وجوههما، وأظهر الكراهية لهما، ثم تقدم إليه بعدهما البكري والعمرى فنسبهما فانتسبا له، فهش إليهما وتبسم في وجوههما، وقال: والله ما خرجنا إلا لنسير سيرة أبويكما، فقال له عبد الله بن حسن: والله ما جئناك لتفاخر بين آبائنا، ولكن الأمير بعثنا إليك برسالة، وهذا ربيعة يخبركها، فلما أخبره ربيعة، قال له: إن الأمير يخاف نقض العهد، قال: معاذ الله أن ننقض العهد، أو نخيس (4) به! والله لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن إلى أن تنقضي الهدنة بيننا وبينكم.
فخرجوا من عنده، فأبلغوا عبد الواحد، فلما كان النفر الأخير، نفر عبد الواحد وخلى مكة لأبي حمزة، فدخل بغير قتال، فقال بعض الشعراء يهجو عبد الواحد:
زار الحجيج عصابة قد خالفوا * دين الاله ففر عبد الواحد ترك الامارة والمواسم هاربا * ومضى يخبط كالبعير الشارد فلو أن والده تخير أمه (5) * لصفت خلائقه بعرق الوالد