شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٠٩
وبعث عبد الواحد إلى أبى حمزة عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبيد الله ابن عمر بن حفص العمرى، وربيعة بن عبد الرحمن، ورجالا أمثالهم، فلما قربوا من أبى حمزة أخذتهم مسالحه (1) فأدخلوا على أبى حمزة، فوجدوه جالسا، وعليه إزار قطري (2) قد ربطه بحوره في قفاه، فلما دنوا، تقدم إليه عبد الله بن الحسن العلوي، ومحمد بن عبد الله العثماني، فنسبهما (3)، فلما انتسبا له عبس في وجوههما، وأظهر الكراهية لهما، ثم تقدم إليه بعدهما البكري والعمرى فنسبهما فانتسبا له، فهش إليهما وتبسم في وجوههما، وقال: والله ما خرجنا إلا لنسير سيرة أبويكما، فقال له عبد الله بن حسن: والله ما جئناك لتفاخر بين آبائنا، ولكن الأمير بعثنا إليك برسالة، وهذا ربيعة يخبركها، فلما أخبره ربيعة، قال له: إن الأمير يخاف نقض العهد، قال: معاذ الله أن ننقض العهد، أو نخيس (4) به! والله لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن إلى أن تنقضي الهدنة بيننا وبينكم.
فخرجوا من عنده، فأبلغوا عبد الواحد، فلما كان النفر الأخير، نفر عبد الواحد وخلى مكة لأبي حمزة، فدخل بغير قتال، فقال بعض الشعراء يهجو عبد الواحد:
زار الحجيج عصابة قد خالفوا * دين الاله ففر عبد الواحد ترك الامارة والمواسم هاربا * ومضى يخبط كالبعير الشارد فلو أن والده تخير أمه (5) * لصفت خلائقه بعرق الوالد

(1) المسالح: جمع مسلحة، وهي هنا القوم يحملون السلاح.
(2) في الأغاني: (قطواني).
(3) نسبهما: أي سألهما أن ينتسبا.
(4) خاس بالعهد، أي غدر ونكث.
(5) الأغاني: (لو كان والده)
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175