شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١١٠
ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة ودعا بالديوان، فضرب على الناس البعث، وزادهم في العطاء عشرة عشرة، واستعمل على الجيش عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فخرجوا، فلقيتهم جزر منحورة، فتشاءم الناس بها، فلما كانوا بالعقيق (1) علق لواء عبد العزيز بسمرة (2) فانكسر الرمح، فتشاءموا بذلك أيضا.
ثم ساروا حتى نزلوا قديدا، فنزل بها قوم معتزلون، ليسوا بأصحاب حرب، وأكثرهم تجار أغمار، قد خرجوا في المصبغات والثياب الناعمة واللهو، لا يظنون أن للخوارج شوكة، ولا يشكون في أنهم في أيديهم.
وقال رجل منهم من قريش: لو شاء أهل الطائف لكفونا أمر هؤلاء، ولكنهم داهنوا في دين الله، والله لنظفرن ولنسيرن إلى أهل الطائف فلنسبينهم. ثم قال: من يشترى منى من سبى أهل الطائف؟
قال أبو الفرج: فكان هذا الرجل أول المنهزمين، فلما وصل المدينة، ودخل داره، أراد أن يقول لجاريته: أغلقي الباب، قال لها: ((غاق ناق) دهشا، فلقبه أهل المدينة بعد ذلك (غاق ناق)، ولم تفهم الجارية قوله، حتى أومأ إليها بيده، فأغلقت الباب.
قال: وكان عبد العزيز يعرض الجيش بذي الحليفة (3)، فمر به أمية بن عتبة بن سعيد ابن العاص، فرحب به وضحك إليه، ثم مر به عمارة بن حمزة بن مصعب بن الزبير فلم يكلمه، ولم يلتفت إليه، فقال له عمران بن عبد الله بن مطيع، وكان ابن خالته، أمهما ابنتا عبد الله بن خالد بن أسيد: سبحان الله! مر بك شيخ من شيوخ قريش، فلم تنظر

(1) عقيق المدينة، قيل: هما عقيقان: الأكبر مما يلي الحرة إلى قصر المراجل، والأصغر ما سفل عن قصر المراجل.
(2) السمرة: شجرة العضاة (3) ذو الحليفة: موضع من تهامة بين حاذة وذات عرق
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175