(إنك من خير ذي يمن) (1)، ائت معاوية بكتابي، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلا فانبذ (2) إليه وأعلمه أنى لا أرضى به أميرا، وأن العامة لا ترضى به خليفة.
فانطلق جرير حتى أتى الشام، ونزل بمعاوية، فلما دخل عليه حمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد يا معاوية، فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين، وأهل المصرين، وأهل الحجاز، وأهل اليمن، وأهل مصر، وأهل العروض - والعروض عمان - وأهل البحرين واليمامة، فلم يبق إلا هذه الحصون التي أنت فيها، لو سال عليها سيل من أوديته غرقها، وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل. ودفع إليه كتاب علي عليه السلام، وفيه:
أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، إذا اجتمعوا على رجل فسموه (3) إماما، كان ذلك لله رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباع سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، ويصليه جهنم وساءت مصيرا. وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي، فكان نقضهما كردتهما، فجاهدتهما على ذلك، حتى جاء الحق، وظهر أمر الله وهم كارهون. فادخل فيما دخل فيه المسلمون، فإن أحب الأمور إلى فيك العافية، إلا أن تتعرض للبلاء، فإن تعرضت له قاتلتك، واستعنت بالله عليك.
وقد أكثرت في قتله عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلى أحملك