شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٦٩
صلى الله عليه وآله بالمدينة لمرضها، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وآله بسهمه وأجره باتفاق سائر الناس.
وثانيها: أنه من أهل بيعة الرضوان الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ (1) ولا يقال: إنه لم يشهد البيعة تحت الشجرة، لأنا نقول: صدقتم، إنه لم يشهدها، ولكنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى أهل مكة، ولأجله كانت بيعة الرضوان، حيث أرجف (2) بأن قريشا قتلت عثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كانوا قتلوه، لأضرمنها عليهم نارا)، ثم جلس تحت الشجرة، وبايع الناس على الموت، ثم قال: (إن كان عثمان حيا فأنا أبايع عنه)، فصفح بشماله على يمينه، وقال: (شمالي خير من يمين عثمان) روى ذلك جميع أرباب أهل السيرة متفقا عليه.
وثالثها: أنه من جملة العشرة الذين تظاهرت الاخبار بأنهم من أهل الجنة.
وإذا كانت الوجوه الثلاثة دالة على أنه مغفور له، وأن الله تعالى قد رضى عنه، وهو من أهل الجنة، بطل أن يكون فاسقا، لان الفاسق يخرج عندنا من الايمان، ويحبط (3) ثوابه، ويحكم له بالنار ولا يغفر له، ولا يرضى عنه، ولا يرى الجنة ولا يدخلها، فاقتضت هذه الوجوه الصحيحة الثابتة أن يحكم بأن كل ما وقع منه فهو من باب الصغائر المكفرة، توفيقا بين هذه الوجوه، وبين روايات الاحداث المذكورة.
وإما الوجه التفصيلي فهو مذكور في كتب أصحابنا المطولة في الإمامة، فليطلب من مظانه، فإنهم قد استقصوا في الجواب عن هذه المطاعن استقصاء لا مزيد عليه.

(١) سورة الفتح ١٨ (2) يقال: أرجف القوم، إذا خاضوا في الاخبار السيئة وذكر الفتن على أن يوقعوا الناس في الاضطراب.
(3) ب، ج: (ينحبط) وما أثبته عن ا.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335