هي أظهر من هذه الرواية، وإن صحت فيجوز أن تكون محمولة على لعن من قتله متعمدا قتله، قاصدا إليه، فإن ذلك لم يكن لهم.
فأما ادعاؤه أن طلحة رجع لما ناشده عثمان يوم الدار، فظاهر البطلان وغير معروف في الرواية، والظاهر المعروف أنه لم يكن على عثمان أشد من طلحة، ولا أغلظ منه.
قال: ولو حكينا من كلامه فيه ما قد روى لا فنينا قطعة كثيرة من هذا الكتاب، وقد روى أن عثمان كان يقول يوم الدار: اللهم اكفني طلحة، ويكرر ذلك، علما بأنه أشد القوم عليه. وروى أن طلحة كان عليه يوم الدار درع وهو يرامي الناس، ولم ينزع عن القتال حتى قتل الرجل (1).
فأما ادعاؤه الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (ستكون فتنة، وإن عثمان وأصحابه يومئذ على الهدى) فهو يعلم أن هذه الرواية الشاذة لا تكون في مقابله المعلوم ضرورة من إجماع الأمة على خلعه وخذله، وكلام وجوه المهاجرين والأنصار فيه، وبإزاء هذه الرواية ما يملأ الطروس عن النبي صلى الله عليه وآله وغيره، مما يتضمن ما تضمنته.
ولو كانت هذه الرواية معروفة لكان عثمان أولى الناس بالاحتجاج بها يوم الدار، وقد احتج عليهم بكل غث وسمين، وقبل ذلك لما خوصم وطولب بأن يخلع نفسه، ولأحتج بها عنه بعض أصحابه وأنصاره، وفي علمنا بأن شيئا من ذلك لم يكن، دلالة على أنها مصنوعة موضوعة.
فأما ما رواه عن عائشة من قولها: (قتل والله مظلوما) فأقوال عائشة فيه معروفة ومعلومة، وإخراجها قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وهي تقول: (هذا قميصه لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته)، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.