في أن الحق في غير حيزه، لأنه لا يجوز أن يكون هو المصيب، وجميع الأمة مبطل، وإنما يدعى أنه على الحق لمن ينازع في إجماع من عداه، فأما مع التسليم لذلك، فليس يبقى شبهة، وما نجد مخالفينا يعتبرون في باب الاجماع بإجماع الشذاذ والنفر القليل الخارجين من الاجماع، ألا ترى أنهم لا يحفلون (1) بخلاف سعد (2) وأهله وولده في بيعة أبى بكر لقلتهم وكثرة من بإزائهم، ولذلك لا يعتدون بخلاف من امتنع من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ويجعلونه شاذا، لا تأثير بخلافة (3)، فكيف فارقوا هذه الطريقة في خلع عثمان!
وهل هذا إلا تقلب وتلون!
* * * قلت: أما إذا احتج أصحابنا على إمامة أبى بكر بالاجماع، فاعتراض حجتهم بخلاف سعد وولده وأهله اعتراض جيد، وليس يقول أصحابنا في جوابه: هؤلاء شذاذ فلا نحفل بخلافهم، وإنما المعتبر بالكثرة التي بإزائهم. وكيف يقولون هذا، وحجتهم الاجماع ولا إجماع ولكنهم يجيبون عن ذلك بأن سعدا مات في خلافة عمر، فلم يبق من يخالف في خلافة عمر، فانعقد الاجماع عليها، وبايع ولد سعد وأهله من قبل، وإذا صحت خلافة عمر صحت خلافه أبى بكر، لأنها فرع عليها، ومحال أن يصح الفرع، ويكون الأصل فاسدا، فهكذا يجيب أصحابنا عن الاعتراض بخلاف سعد إذا احتجوا بالاجماع، فأما إذا احتجوا بالاختيار فلا يتوجه نحوهم الاعتراض بخلاف سعد وأهله وولده، لأنه ليس من شرط ثبوت الإمامة بالاختيار إجماع الأمة على الاختيار، وإنما يكفي فيه بيعة خمسة من أهل الحل والعقد على الترتيب الذي يرتب أصحابنا الدلالة عليه، وبهذا الطريق يثبت عندهم إمامة علي عليه السلام، ولم يحفل بخلاف معاوية وأهل الشام فيها.
* * *