يريد النفي المطلق، لان الواثق بالماء قد يظمأ، ولكن لا يكون عطشه على حد العطش الكائن عند عدم الماء، وعدم الوثوق بوجوده، وهذا كقول أبى الطيب:
وما صبابة مشتاق على أمل من اللقاء كمشتاق بلا أمل (1) والصائم في شهر رمضان يصبح جائعا تنازعه نفسه إلى الغذاء، وفي أيام الفطر لا يجد تلك المنازعة في مثل ذلك الوقت، لان الصائم ممنوع، والنفس تحرص على طلب ما منعت منه، يقول: إن وثقتم بي وسكنتم إلى قولي، كنتم أبعد عن الضلال وأقرب إلى اليقين وثلج النفس، كمن وثق بأن الماء في إداوته، يكون عن الظمأ وخوف الهلاك من العطش أبعد ممن لم يثق بذلك.
* * *