يا شيبة بن ربيعة، يا عمرو بن هشام "، وهم جيف منتنة قد جروا إلى القليب.
قوله: " سترني عنكم "، هذا يحتمل وجوها، أوضحها أن إظهاركم شعار الاسلام عصمكم منى مع علمي بنفاقكم، وإنما أبصرت نفاقكم وبواطنكم الخبيثة بصدق نيتي، كما يقال:
المؤمن يبصر بنور الله. ويحتمل أن يريد: سترني عنكم جلباب ديني ومنعني أن أعرفكم نفسي وما أقدر عليه من عسفكم، كما تقول لمن استهان بحقك: أنت لا تعرفني ولو شئت لعرفتك نفسي.
وفسر القطب الراوندي قوله عليه السلام: " وبصرنيكم صدق النية "، قال: معناه أنكم إذا صدقتم نياتكم، ونظرتم بأعين لم تطرف بالحسد والغش وأنصفتموني، أبصرتم عظيم منزلتي.
وهذا ليس بجيد، لأنه لو كان هو المراد لقال: وبصركم إياي صدق النية، ولم يقل ذلك، وإنما قال: " بصرنيكم "، فجعل صدق النية مبصرا له لا لهم. وأيضا فإنه حكم بأن صدق النية هو علة التبصير، وأعداؤه لم يكن فيهم صادق النية، وظاهر الكلام الحكم والقطع، لا التعليق بالشرط.
قوله: " أقمت لكم على سنن الحق "، يقال: تنح عن سنن الطريق وسنن الطريق بفتح السين وضمها، فالأول مفرد، والثاني جمع سنة، وهي جادة الطريق والواضح منها، وأرض مضلة ومضلة، بفتح الضاد وكسرها: يضل سالكها. وأماه المحتفر يميه، أنبط الماء، يقول: فعلت من إرشادكم وأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر ما يجب على مثلي، فوقفت لكم على جادة الحق ومنهجه، حيث طرق الضلال كثيرة مختلفة من سائر جهاتي، وأنتم تائهون فيها تلتقون، ولا دليل لكم، وتحتفرون لتجدوا ماء تنقعون به غلتكم فلا تظفرون بالماء، وهذه كلها استعارات.