رواية أبى عبد الرحمن السلمي (1) - وهي الرواية المشهورة - وفي رواية أبى مخنف أنها كانت لإحدى عشرة ليلة بقين من شهر رمضان، وعليه الشيعة في زماننا.
والقول الأول أثبت عند المحدثين، والليلة السابعة عشره من شهر رمضان هي ليلة بدر، وقد كانت الروايات وردت أنه يقتل في ليله بدر، عليه السلام، وقبره بالغري.
وما يدعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره، وأنه حمل إلى المدينة، أو أنه دفن في رحبة الجامع، أو عند باب قصر الامارة أو ند البعير الذي حمل عليه فأخذته الاعراب - باطل كله، لا حقيقة له، وأولاده أعرف بقبره، وأولاد كل الناس أعرف بقبور آبائهم من الأجانب، وهذا القبر الذي زاره بنوه لما قدموا العراق، منهم جعفر بن محمد عليه السلام وغيره من أكابرهم وأعيانهم.
وروى أبو الفرج في " مقاتل الطالبيين " بإسناد (2) ذكره هناك ان الحسين عليه السلام لما سئل: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ فقال: خرجنا به ليلا من منزله بالكوفة، حتى مررنا به على مسجد الأشعث، حتى انتهينا به إلى الظهر بجنب الغري. وسنذكر خبر مقتله عليه السلام فيما بعد.
فأما فضائله عليه السلام، فإنها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغا يسمج معه التعرض لذكرها، والتصدي لتفصيلها، فصارت كما قال أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد: رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر، والقمر الزاهر، الذي لا يخفى على الناظر، فأيقنت أنى حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز، مقصر عن الغاية، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك، ووكلت الاخبار عنك إلى علم الناس بك.
وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه،