ومن العلوم: علم الفقه، وهو عليه السلام أصله وأساسه، وكل فقيه في الاسلام فهو عيال عليه، ومستفيد من فقهه، أما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وغيرهما، فأخذوا عن أبي حنيفة، وأما الشافعي فقرأ على محمد بن الحسن، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة، وأما أحمد بن حنبل، فقرأ على الشافعي فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة، وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد عليه السلام، وقرأ جعفر على أبيه عليه السلام، وينتهي الامر إلى علي عليه السلام. وأما مالك بن أنس، فقرأ على ربيعة الرأي، وقرأ ربيعة على عكرمة، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس، وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب (1)، وإن شئت رددت إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك كان لك ذلك، فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
واما فقه الشيعة: فرجوعه إليه ظاهر وأيضا فإن فقهاء الصحابة كانوا: عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس، وكلاهما أخذ عن علي عليه السلام. أما ابن عباس فظاهر، وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: لولا على لهلك عمر، وقوله: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن.
وقوله: لا يفتين أحد في المسجد وعلى حاضر، فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه.
وقد روت العامة والخاصة قوله صلى الله عليه وآله: " أقضاكم على " (2)، والقضاء هو الفقه، فهو إذا أفقههم. وروى الكل أيضا أنه عليه السلام قال له وقد بعثه إلى اليمن قاضيا:
" اللهم اهد قلبه وثبت لسانه " قال: فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين (3)،