عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق (1) ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة شرفتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق فيقال أن القادر قال له على رغم أنف الشريف.
وذكر الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في التاريخ في وفاة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري الفقيه المالكي، قال: كان شيخ الشهود المعدلين ببغداد ومتقدمهم، وسمع الحديث الكثير، وكان كريما مفضلا على أهل العلم، قال: وعليه قرأ الشريف الرضي رحمه الله القرآن، وهو شاب حدث " السن " (3)، فقال له يوما: أيها الشريف أين مقامك؟ قال: في دار أبى، بباب محول، فقال: مثلك لا يقيم بدار أبيه، قد نحلتك داري بالكرخ المعروفة بدار البركة. فامتنع الرضي من قبولها وقال له: لم أقبل من أبى قط شيئا، فقال إن حقي عليك أعظم من حق أبيك عليك، لأني حفظتك كتاب الله تعالى فقبلها (4).
وكان الرضي لعلو همته تنازعه نفسه (5) إلى أمور عظيمة يجيش بها خاطره، وينظمها شعره، ولا يجد من (6) الدهر عليها مساعدة، فيذوب كمدا، ويفنى وجدا، حتى توفي ولم يبلغ غرضا.
فمن ذلك قوله:
ما أنا للعلياء إن لم يكن * من ولدي ما كان من والدي (7) ولا مشت بي الخيل إن لم أطأ * سرير هذا الأصيد الماجد (8)