طلب طلحة والزبير من علي عليه السلام أن يوليهما المصرين: البصرة والكوفة، فقال:
حتى أنظر. ثم استشار المغيرة بن شعبة، فقال له: أرى أن توليهما إلى أن يستقيم لك أمر الناس. فخلا بابن عباس، وقال: ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن الكوفة والبصرة عين الخلافة، وبهما كنوز الرجال، ومكان طلحة والزبير من الاسلام ما قد علمت، ولست آمنهما إن وليتهما أن يحدثا أمرا. فأخذ علي عليه السلام برأي ابن عباس. وقد كان استشار المغيرة أيضا في أمر معاوية، فقال له: أرى إقراره على الشام، وأن تبعث إليه بعهده إلى أن يسكن شغب الناس، ولك بعد رأيك. فلم يأخذ برأيه.
فقال المغيرة بعد ذلك: والله ما نصحته قبلها، ولا أنصحه بعدها، ما بقيت.
* * * دخل الزبير وطلحة على علي عليه السلام، فاستأذناه في العمرة، فقال: ما العمرة تريدان، فحلفا له بالله أنهما ما يريدان غير العمرة، فقال لهما: ما العمرة تريدان، وإنما تريدان الغدرة ونكث البيعة، فحلفا بالله ما الخلاف عليه ولا نكث بيعة يريدان، وما رأيهما غير العمرة. قال لهما: فأعيدا البيعة لي ثانية، فأعاداها بأشد ما يكون من الايمان والمواثيق، فأذن لهما، فلما خرجا من عنده، قال لمن كان حاضرا: والله لا ترونهما إلا في فتنة يقتتلان فيها. قالوا: يا أمير المؤمنين، فمر بردهما عليك، قال: ليقضى الله أمرا كان مفعولا.
* * * لما خرج الزبير وطلحة من المدينة إلى مكة لم يلقيا أحدا إلا وقالا له: ليس لعلى في أعناقنا بيعة، وإنما بايعناه مكرهين. فبلغ عليا عليه السلام قولهما، فقال: أبعدهما الله وأغرب (1) دارهما، أما والله لقد علمت أنهما سيقتلان أنفسهما أخبث مقتل، ويأتيان من