" أتحبه "؟ قلت: وما لي لا أحبه وهو أخي وابن خالي! فقال: " أما إنك ستحاربه وأنت ظالم له "، فاسترجع الزبير، وقال: أذكرتني ما أنسانيه الدهر، ورجع إلى صفوفه. فقال له عبد الله ابنه: لقد رجعت إلينا بغير الوجه الذي فارقتنا به! فقال: أذكرني على حديثا أنسانيه الدهر، فلا أحاربه أبدا، وإني لراجع وتارككم منذ اليوم. فقال له عبد الله: ما أراك إلا جبنت عن سيوف بنى عبد المطلب، إنها لسيوف حداد، تحملها فتية أنجاد، فقال الزبير: ويلك! أتهيجني على حربه، أما إني قد حلفت ألا أحاربه، قال: كفر عن يمينك، لا تتحدث نساء قريش أنك جبنت، وما كنت جبانا، فقال الزبير: غلامي مكحول حر كفارة عن يميني، ثم أنصل (١) سنان رمحه، وحمل على عسكر علي عليه السلام برمح لا سنان له، فقال علي عليه السلام: أفرجوا له، فإنه مخرج، ثم عاد إلى أصحابه، ثم حمل ثانية، ثم ثالثة، ثم قال لابنه: أجبنا ويلك ترى! فقال: لقد أعذرت.
* * * لما أذكر علي عليه السلام الزبير بما أذكره به ورجع الزبير، قال:
نادى على بأمر لست أنكره * وكان عمر أبيك الخير مذ حين فقلت حسبك من عذل أبا حسن * بعض الذي قلت منذ اليوم يكفيني ترك الأمور التي تخشى مغبتها * والله أمثل في الدنيا وفي الدين فاخترت عارا على نار مؤججة * أنى يقوم لها خلق من الطين!
* * * لما خرج علي عليه السلام لطلب الزبير، خرج حاسرا، وخرج إليه الزبير دارعا مدججا، فقال للزبير: يا أبا عبد الله، قد لعمري أعددت سلاحا، وحبذا فهل أعددت عند الله عذرا؟ فقال الزبير: إن مردنا إلى الله، قال علي عليه السلام: ﴿يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾ (2)، ثم أذكره الخبر، فلما كر