ويسكت واقفا، وينطق سائرا، على أرض بياضها مظلم، وسوادها مضئ.
* * * فأما القطب الراوندي، فقال: قوله عليه السلام: " شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة " معناه: كونوا مع أهل البيت لأنهم سفن النجاة، لقوله عليه السلام: " مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ".
ولقائل أن يقول: لا شبهة أن أهل البيت سفن النجاة، ولكنهم لم يرادوا هاهنا بهذه اللفظة لأنه لو كان ذلك هو المراد، لكان قد أمر أبا سفيان والعباس بالكون مع أهل البيت، ومراده الآن ينقض ذلك، لأنه يأمر بالتقية وإظهار اتباع الذين عقد لهم الامر، ويرى أن الاستسلام هو المتعين، فالذي ظنه الراوندي لا يحتمله الكلام ولا يناسبه.
وقال أيضا: التعريج على الشئ الإقامة عليه، يقال: عرج فلان على المنزل، إذا حبس نفسه عليه، فالتقدير: عرجوا على الاستقامة منصرفين عن المنافرة.
ولقائل أن يقول: التعريج يعدى تارة ب " عن " وتارة ب " على "، فإذا عديته بعن أردت التجنب والرفض، وإذا عديته ب " على " أردت المقام والوقوف، وكلامه عليه السلام معدى ب " عن " قال: " وعرجوا عن طريق المنافرة ".
وقال أيضا " آنس بالموت " أي أسر به، وليس بتفسير صحيح، بل هو من الانس ضد الوحشة.
[اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول الله] لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، واشتغل علي عليه السلام بغسله ودفنه، وبويع أبو بكر، خلا الزبير وأبو سفيان وجماعة من المهاجرين بعباس وعلي عليه