(فتمضمض واستنشق) فيه دليل الجمع بين المضمضة والاستنشاق (ثم أخذ) غرفة (أخرى فجمع بها) أي بالغرفة (يديه) أي جعل الماء الذي في يده في يديه جميعا لكون أمكن في الغسل لأن اليد قد لا تستوعب الغسل (ثم غسل وجهه) وفيه دليل غسل الوجهة واليدين جميعا (فرش) أي سكب الماء قليلا قليلا إلى أن صدق عليه مسمى الغسل (على رجله اليمنى) وفي رواية البخاري وغيره حتى غسلها وهو صريح في أنه لم يكتف بالرش (وفيها) أي الرجل اليمنى (النعل) قال في التوسط هو لا يدل على عدم غسل أسفلها (ثم مسحها بيديه) قال الحافظ المراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو وقد أخرج البخاري في باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين من حديث ابن عمرو فيه أن النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها ففيه التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم كان يغسل رجليه الشريفتين وهما في نعليه وهذا موضع استدلال البخاري رحمه الله تعالى للترجمة وفي التوسط مسحها أي دلكها (يد) بكسر الدال المهملة على البدلية وبالرفع (ويد تحت النعل) قال الحافظ أما قوله تحت النعل فإن لم يحمل على التجوز عن القدم وإلا فهي رواية شاذة وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا خالف وفي التوسط أجاب الجمهور بأنه حديث ضعيف ولو صح فهو مخالف لسائر الروايات ولعله كرر المسح حتى صار غسلا (ثم صنع باليسرى مثل ذلك) أي رش على رجله اليسرى وفيها النعل ثم مسحها بيديه فوق القدم ويد تحت النعل واعلم أن الحديث ليس فيه ذكر المرتين فلا يعلم وجه المناسبة بالباب قال المنذري وأخرجه البخاري مطولا ومختصرا وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة مفرقا بنحوه مختصرا وفي لفظ البخاري ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى وفي لفظ النسائي ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى وذلك يوضح ما أبهم في لفظ حديث أبي داود وترجم البخاري والترمذي والنسائي على طرف من هذا الحديث الوضوء مرة مرة خلاف ما في هذه الترجمة وكذلك فعل أبو داود في الباب الذي بعده انتهى
(١٥٩)