فعلم من هذه الأقوال أن الجورب هو نوع من الخف إلا أنه أكبر منه فبعضهم يقول هو إلى نحو الساق وبعضهم يقول هو خف يلبس على الخف إلى الكعب ثم اختلفوا فيه هل هو من جلد وأديم أو ما هو أعم منه من صوف وقطن ففسره صاحب القاموس بلفافة الرجل وهذا التفسير بعمومه يدل على لفافة الرجل من الجلد والصوف والقطن وأما الطيبي والشوكاني فقيداه بالجلد وهذا مآل كلام الشيخ الدهلوي أيضا وأما الإمام أبو بكر بن العربي ثم العلامة العيني فصرحا بكونه من صوف وأما شمس الأئمة الحلواني فقسمه إلى خمسة أنواع فهذا الاختلاف والله أعلم إما لأن أهل اللغة اختلفوا في تفسيره وإما لكون الجورب مختلف الهيئة والصنعة في البلاد المتفرقة ففي بعض الأماكن كان يتخذ من أديم وفي بعضها من كل الأنواع فكل من فسره إنما فسره على هيئة بلاده ومنهم مفسره بكل ما يوجد في البلاد بأي نوع كان (والنعلين) قال مجد الدين الفيروز آبادي في القاموس النعل ما وقيت به القدم من الأرض كالنعلة مؤنثة وجمعه نعال بالكسر وقال ابن حجر المكي في شرح شمائل الترمذي وأفرد المؤلف أي الترمذي الخف عنها بباب لتغايرهما عرفا بل لغة إن جعلنا من الأرض قيدا في النعل قال الشيخ أحمد الشهير بالمقري في رسالته المسماة بفتح المتعال في مدح خير النعال إن ظاهر كلام صاحب القاموس وبعض أئمة اللغة أنه قيد فيه وقد صرح بالقيدية وقال ملا عصام الدين فإنه قال ولا يدخل فيه الخف لأنه ليس مما وقيت به القدم من الأرض انتهى ومعناه أن النعلين لبسهما فوق الجوربين كما قاله الخطابي فمسح على الجوربين والنعلين معا فلا يستدل به على جواز مسح النعلين فقط قال الطحاوي مسح على نعلين تحتهما جوربان وكان قاصدا بمسحه ذلك إلى جوربيه لا إلى نعليه وجورباه مما لو كانا عليه بلا نعلين جاز له أن يمسح عليهما فكان مسحه ذلك
(١٨٦)