عقب وصولها بما أهديت لأجله إظهارا لقبولها ووقوعها الموقع وفيه قبوله الهدية حتى من أهل الكتاب فإنه أهدى له قبل إسلامه كما قاله ابن العربي وأقره زين الدين العراقي (عن دلهم بن صالح) بصيغة العنعنة أي حدثنا وكيع عن دلهم وأما أحمد بن أبي شعيب فقال حدثنا وكيع قال حدثنا دلهم (هذا مما تفرد به أهل البصرة) واعلم أن الغرابة إما أن تكون في أصل السند أي في الموضع الذي يدور الإسناد عليه ويرجع ولو تعددت الطرق إليه وهو طرفه الذي فيه الصحابي أولا يكون التفرد كذلك بل يكون التفرد في أثنائه كأن يرويه عن الصحابي أكثر من واحد ثم يتفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد فالأول الفرد المطلق والثاني الفرد النسبي سمي نسبيا لكون التفرد فيه حصل بالنسبة إلى شخص معين وإن كان الحديث في نفسه مشهورا ويقل إطلاق الفردية عليه لأن الغريب والفرد مترادفان لغة واصطلاحا إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون فيقولون في المطلق والنسبي تفرد به فلان أو أغرب به فلان كذا في شرح النخبة وإذا علمت تعريف الفرد وانقسامه فاعلم أن قول المؤلف الإمام هذا مما تفرد به أهل البصرة فيه مسامحة ظاهرة لأنه ليس في هذا السند أحد من أهل البصرة إلا مسدد بن مسرهد وما فيه إلا كوفيون أو من أهل مرو كما صرح به السيوطي ومسدد لم يتفرد به بل تابعه أحمد بن أبي شعيب الحراني كما في رواية المؤلف وتابعه أيضا هناد كما في رواية الترمذي وأيضا علي بن محمد وأبو بكر بن أبي شيبة كما في ابن ماجة وأما شيخ مسدد أعني وكيعا أيضا لم يتفرد به بل تابعه محمد بن ربيعة كما في الترمذي فإنما التفرد في دلهم بن صالح وهو كوفي قال السيوطي فالصواب أن يقال هذا مما تفرد به أهل الكوفة أي لم يروه إلا واحد منهم انتهى والحاصل أنه ليس في رواة هذا الحديث بصري سوى مسدد ولم يتفرد هو فنسبه التفرد إلى أهل البصرة وهم من المؤلف الإمام رضي الله عنه والله أعلم قال المنذري قال أبو الحسن الدارقطني تفرد به حجير بن عبد الله عن ابن بريدة ولم يروه عنه غير دلهم بن صالح وذكره في ترجمة عبد الله بن بريدة عن أبيه ورواه الإمام أحمد بن حنبل عن وكيع فقال عبد الله بن بريدة انتهى
(١٨٠)