فأحدهما هذا الذي أشار إليه الدارقطني رواه عبد الرزاق في مصنفه والثاني رواه أبو داود في سننه عن عبد الله بن معقل قال صلى أعرابي فذكر القصة وفي آخره فقال عليه السلام خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء قال أبو داود هذا مرسل فإن ابن معقل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ما في نصب الراية وقال الحافظ في الفتح واحتجوا فيه بحديث جاء من ثلاث طرق أحدها موصول عن ابن مسعود أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره والآخران مرسلان أخرج أحدهما أبو داود من طريق عبد الله بن مقرن والآخر من طريق سعيد بن منصور من طريق طاوس ورواتهما ثقات وهو يلزم من يحتج بالمرسل مطلقا وكذا من يحتج به إذا اعتضد مطلقا والشافعي إنما يعتضد عنده إذا كان من رواية كبار التابعين وكان من أرسل إذا سمى لا يسمي إلا ثقة وذلك مفقود في المرسلين المذكورين على ما هو ظاهر من سنديهما انتهى كلام الحافظ قلت الأحاديث المرفوعة المتصلة الصحيحة خالية عن حفر الأرض وأما الأحاديث التي جاء فيها ذكر حفر الأرض فمنها ما هو موصول فهو ضعيف لا يصلح للاستدلال ومنها ما هو مرسل فهو أيضا ضعيف عند من لا يحتج بالمرسل وأما من يحتج به فعند بعضهم أيضا ضعيف لا يصلح للاستدلال كالإمام الشافعي فقول من قال إن الأرض لا تطهر إلا بالحفر ونقل التراب قول ضعيف إلا عند من يحتج بالمرسل مطلقا وعند من يحتج به إذا اعتضد مطلقا واحتج من قال إن الأرض تطهر بصب الماء عليها بحديث الباب وهذا القول هو أصح الأقوال وأقواها من حيث الدليل ثم قول من قال إنها تطهر بالجفاف بالشمس أو الهواء إن كان لفظ تبول في حديث ابن عمر المذكور محفوظا وأما قول من قال إنها لا تطهر إلا بالحفر ونقل التراب فمستنده الروايات التي وقع فيها ذكر الحفر وقد عرفت ما في تلك الروايات من المقال ثم هي إن دلت على أن الأرض النجسة لا تطهر إلا بالحفر ونقل التراب فهي معارضة بحديث ابن عمر المذكور وبحديث الباب هذا ما عندي والله أعلم
(٣٩٣)