قال حدث فلان تركته وقال روينا عن شعبة أنه قال كفتكم تدليس ثلاثة الأعمش وأبي إسحاق وقتادة قال الحافظ في كتابه تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس بعد ذكر كلام البيهقي هذا ما لفظه فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق أشعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة انتهى وأما القول بأن السند الذي فيه شعبة برئ من التدليس فلم يقل بهذا الإطلاق أحد فتفكر (نا وكيع) هو ابن الجراح بن مليح الرواسي الكوفي محدث العراق ولد سنة تسع وعشرين ومائة سمع هشام بن عروة والأعمش وابن عون وابن جريج وسفيان وخلائق وعنه ابن المبارك مع تقدمه وأحمد وابن المديني ويحيى وإسحاق وزهير يونس بن أبي وأمم سواهم وكان أبوه على بيت المال وأراد الرشيد أن يولي وكيعا قضاء الكوفة فامتنع وقال أحمد ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع توفى سنة 197 سبع وتسعين ومائة يوم عاشوراء كذا في تذكرة الحفاظ وقال الحافظ في التقريب ثقة حافظ تنبيه قال بعض الحنفية إن وكيع بن الجراح كان يفتي بقول أبي حنيفة وكان قد سمع منه شيئا كثيرا انتهى وزعم بعضهم أنه كان حنفيا يفتى بقول أبي حنيفة ويقلده قلت القول بأن وكيعا كان حنفيا يقلد أبا حنيفة باطل جدا ألا ترى أن الترمذي قال في جامعه هذا في باب إشعاء البدن سمعت يوسف بن عيسى يقول سمعت وكيعا يقول حين روى هذا الحديث (يعني حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد النعلين وأشعر الهدى) فقال لا تنظروا إلى قول أهل الرأي في الإشعار فإن الإشعار سنة وقولهم بدعة وسمعت أبا السائب يقول كنا عند وكيع فقال رجل ممن ينظر في الرأي أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أبو حنيفة هو مثلة قال الرجل فإنه قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال الإشعار مثله قال فرأيت وكيعا غضب غضبا شديدا وقال أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا انتهى فقول وكيع هذا من أوله إلى آخره ينادي بأعلى نداء أنه لم يكن مقلدا لأبي حنيفة ولا لغير بل كان متبعا للسنة منكرا أشد الإنكار على من يخالف السنة وعلى من يذكر عنده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر هو قول أحد من الناس مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم وأما من قال إن وكيعا كان يفتي بقول أبي حنيفة فليس مراده أنه كان يفتي بقوله في جميع المسائل بل مراده أنه كان يفتي بقوله في بعض المسائل ثم لم يكن إفتاؤه في بعضها تقليدا لأبي حنفية بل كان اجتهاد منه فوافق قوله فظن أنه كان يفتي بقوله والدليل على هذا كله قول وكيع المذكور ثم الظاهر أن المسألة التي يفتي فيها وكيع بقول أبي حنيفة هي شرب نبيذ الكوفيين قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمته ما فيه إلا شربه لنبيذ الكوفيين وملازمته له جاء ذلك من غير وجه عنه انتهى
(٢٠)