نعم ورواية عبد الحميد هذه لم يخرجها الترمذي وأخرجها أبو داود قال حدثنا مسددنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال يتصدق بدينار أو نصف دينار قال أبو داود هكذا الرواية الصحيحة قال دينار أو نصف دينار ولم يرفعه شعبة فرواية عبد الحميد هذه صحيحة راجحة وأما باقي الروايات فضعيفة مرجوحة لا توازي رواية عبد الحميد فلا تعل رواية عبد الحميد هذه بالروايات الضعيفة قال الحافظ في التلخيص قد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الامام وهو الصواب فكم من حديث احتجوا به وفيه من الاختلاف أكثر مما في هذا الحديث كحديث بئر بضاعة وحديث القلتين ونحوهما وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في شرح المهذب والتنقيح والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم وتبع في بعض ذلك ابن الصلاح انتهى كلام الحافظ وبالجملة رواية عبد الحميد صحيحة لكن وقع الاختلاف في رفعها فرفعها شعبة مرة ووقفها مرة قال الحافظ في بلوغ المرام بعد ذكر هذه الرواية مرفوعة صححه الحاكم وابن القطان ورجح غير هما وقفه قال الشوكاني في النيل ويجاب عن دعوى الاختلاف في رفعه ووقفه بأن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي رفعوه عن شعبة وكذلك وهب بن جرير وسعيد بن عامر والنضر بن شميل وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف قال ابن سيد الناس من رفعه عن شعبة أجل وأكثر وأحفظ ممن وقفه وأما قول شعبة أسنده لي الحكم مرة ووقفه مرة فقد أخبر عن المرفوع والموقوف أن كلا عنده ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح فيه وقال أبو بكر الخطيب اختلاف الروايتين في الرفع لا يؤثر في الحديث ضعفا وهو مذهب أهل الأصول لأن إحدى الروايتين ليست مكذبة للأخرى والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة وهي واجبة القبول انتهى قلت يؤيد ترجيح وقفها قول عبد الرحمن بن مهدي قيل لشعبة إنك كنت ترفعه قال إني كنت مجنونا فصححت وبين البيهقي في روايته أن شعبة رجع عن رفعه والله تعالى أعلم قوله (وهو قول بعض أهل العلم وبه يقول أحمد وإسحاق وقال ابن المبارك يستغفر ربه
(٣٥٨)